للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه المعالجة نفعًا، عُمِد إلى العلاج النفسي، فإن أعيا الأطباء مداواتُه، عمَد المريض عندئذ إلى التداوي بالرقى المشروعة، عند من يرجو صلاحه، ويتوسم خيرًا فيه، ولا يُعمَد إلى ذلك ابتداءً، خشية أن يعتقد ضعاف النفوس أن المرض - وهو مرض عضوي يحتاج إلى العقاقير الطبية - لم يَنْتَفِ عن المريض بعد رَقْيِه؛ فيؤثر ذلك نقصًا في إيمانهم. هذا، مع يقيننا التام بأن الرقى المشروعة تؤثر بالشفاء - بإذن الله - حتى لو كان المرض عضويًا أو نفسيًا، لكنْ قد أُمِرنا ابتداءً بالتداوي والأخذ بالأسباب، وهذا مما لا ينفي وقوع شفاء بمحض التوكل على الله، أو بأثر طلب الشفاء برقية مشروعة.

قال الله تعالى: [الإسرَاء: ٨٢] {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا *} .

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً (١) وقال صلى الله عليه وسلم: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عز وجل (٢) . وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام - حين سألته صلى الله عليه وسلم الأعرابُ: يا رسول الله أنتداوى؟ -: تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ» (٣) .


(١) أخرجه البخاري، كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً، برقم (٥٦٧٨) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب: السلام، باب: لكل داء دواء واستحباب التداوي، برقم (٢٢٠٤) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه أبو داود - واللفظ له - كتاب: الطب، باب: الرجل يتداوى، برقم (٣٨٥٥) ، والترمذي - وصحّحه - كتاب: الطب، باب: ما جاء في الدواء والحثِّ عليه، برقم (٢٠٣٨) ، وابن ماجَهْ، كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، برقم (٣٤٣٦) ، وأحمد في مسنده (٤/٢٧٨) ، بزيادة في آخره: «عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» ، من حديث أسامةَ بن شريك رضي الله عنه. انظر: صحيح أبي داود برقم (٣٢٦٤) .

<<  <   >  >>