للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن الراقي لا يستحق أجرًا إلا إذا صحَّ انتفاعه بالرقية. ونحن نرى أن كثيرًا ممن عُرِفوا بالعلاج عن طريق الرقى، - للأسف البالغ - لم يفقهوا حق الفقه كلامَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ» (١) ، فأوّلوا ذلك بالتوسع في طلب الأجرة على الرقية، دونما نظر لحال المرقي، أو احتسابٍ للأجر والمثوبة عند الله تعالى في قصد نفع المسلمين، وذلك هو المشاهد من حال العديد ممن يتصدر - في عصرنا - لادعاء السبق إلى الولاية الخاصة، مع حيازته تمام التقوى والصلاح، ودفع الداء وجلب الشفاء، للعامة والخاصة!! فإلى الله المشتكى، وهو المستعان المرتجى.

المسألة الثالثة: في بيان معنى النفث وهل يشرع في الرقية؟

النَّفْثُ: شبيه بالنفخ، وهو أقل من التَّفْل، لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (٢) . فكأنه بصفة بين النفخ الذي هو بلا ريق، والتفل الذي لا بد فيه من ريق، [والصواب أن النفث فيه ريق خفيف] (٣) ، ولعله المقصود فيما صح من فعل النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقد «كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَكى، يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ صلى الله عليه وسلم كَانَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رضي الله عنها تَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَتَمْسَحُ بِيَدِهِ، رَجَاءَ بَرَكَتِهَا» (٤) .

أما حكم النفث في الرقية، [فقد أجمعوا على جوازه، واستحبه


(١) أخرجه البخاري؛ كتاب: الطب، باب: الشرط في الرقية، برقم (٥٧٣٧) ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
(٢) انظر: مادة (نفث) : النهاية لابن الأثير، (٥/٧٥) ، والقاموس للفيروزآبادي؛ ص: ٢٢٧.
(٣) كما صوَّبه الإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: "الفتح" (١٠/٢٢٠) .
(٤) متفق عليه؛ من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: أخرجه البخاري؛ كتاب: فضائل القرآن، باب فضل المعوّذات، برقم (٥٠١٦) ، ومسلم؛ كتاب السلام، باب: رقية المريض بالمعوّذات والنفث، برقم (٢١٩٢) .

<<  <   >  >>