للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفاؤل لدى كلٍّ من الراقي والمرقيِّ بزوال ذلك الوجع] (١) . [وفي مسح جسد المريض تأنيس له وتعرُّف لشدة مرضه، ليدعو له بالعافية على حسب ما يبدو له منه، وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحًا] (٢) . وهذا - كما لا يخفى - مشروط بعدم مس النساء الأجانب.

المسألة الخامسة: في بيان فرقٍ بين معنى الرقية المشروعة والعُوذة:

من المعلوم أن الرقية ليست مختصة بوقت ما، فهي أعم من التعوّذ، بهذا الاعتبار، فهي قد تكون قبل وقوع البلاء وبعده، لكن التعوذ يكون - غالبًا - قبل وقوع البلاء، مخافة أن يقع، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» (٣) . [لكن يحتمل أن يقال - أيضًا -: إن الرقى أخص من التعوذ، من حيث المشروعية، ذلك أن الخلاف في الرقى مشهور، ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع] (٤) ، يتحصل مما سبق أن الرقية هي أعم من التعوذ من حيث وقت وقوعها، لكنها أخص منه من حيث مشروعيتها بضوابط - سبق تفصيل لها (٥) -، وأن بعضها منهي عنه، لكونه حوى شركًا، أو ما يحتمل الشرك، بينما يكون التعوّذ مشروعًا مستحبًا في جميع الأوقات، فهو إن أطلق لفظه، انصرف إلى معنى التعوذ بالله تعالى والالتجاء إليه، لذا فلا خلاف في استحبابه بحال. لكن يبقى بعد ذلك أن الأغلب من أقوال العلماء - من أهل


(١) كما نقله ابن حجر عن الطبري في الفتح: (١٠/٢١٨) .
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر (١٠/١٢٦) ، ينقله عن الإمام ابن بطال رحمه الله.
(٣) أخرجه مسلم؛ كتاب: الذكر والدعاء، باب: في التعوّذ من سوء القضاء ودَرَك الشقاء وغيره، برقم (٢٧٠٨) ، عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها.
(٤) انظر: فتح الباري لابن حجر، (١٠/٢٠٧) .
(٥) انظر: ص٢٨٩.

<<  <   >  >>