للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة والحديث والفقه - يقضي بعدم التفريق بينهما، وعلى أن الرقية والتعويذ هما صنوان مترادفان، والله أعلم.

المسألة السادسة: في ذكر معانٍ لطيفة، وحكم بالغة، في اعتبار فاتحة الكتاب، والمعوّذات، أمهات الرقى المشروعة، وأنه - لجلالتها - لو اقتُصِر عليها لكفى.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع، فما الظن بكلام رب العالمين، ثم بالفاتحة: التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها، لتضمنها جميع معاني الكتاب، فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله تعالى ومجامعها، وإثبات المعاد، وذكر التوحيد، والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة والهداية منه، وذكر أفضل الدعاء، وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفة الله وتوحيده وعبادته، بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه، ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى: مُنْعَمٍ عليه لمعرفته بالحق والعمل به، ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته، وضالٍ لعدم معرفته له، مع ما تضمنَتْه من إثبات القَدَر والشرع والأسماء والمَعاد والتوبة وتزكية النفس، وإصلاح القلب، والرد على جميع أهل البدع، وحقيقٌ بسورة هذا بعض شأنها أن يُستشفى بها من كل داء، والله أعلم) (١) .

وقال الإمام النووي رحمه الله: (وإنما رقى بالمعوّذات: لأنهم جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلاً. ففيها الاستعاذة من شر ما خلق فيدخل فيه كل شيء، ومن شر النفاثات في العقد وهن السواحر، ومن شر الحاسدين، ومن شر الوسواس الخناس، والله أعلم) (٢) . وقال الإمام


(١) انظر: زاد المعاد لابن القيم، (٣/١٤٣) . والمثبت هنا ما نقله الإمام ابن حجر عنه - بتصرف يسير - في الفتح (١٠/٢٠٩) .
(٢) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (١٤/٤٠٤) .

<<  <   >  >>