للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن بطّال رحمه الله: (في المعوِّذات جوامع من الدعاء. نعم، أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته، وغير ذلك، فلهذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يكتفي بها) (١) .

ويتفرع عن ذلك مسألة: هل إن اكتفاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالمعوّذات وترك ما سواها (٢) دالٌّ على حظر الرقي بغيرهما؟

الجواب: (أن هذا لا يدل على المنع من التعوّذ بغير هاتين السورتين، بل يدل على الأولوية، ولا سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما، وإنما اجتزأ - اكتفى - بهما صلى الله عليه وسلم لما اشتملتا عليه من جوامع الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلاً) (٣) .

المسألة السابعة: أيرقي أهلُ الكتاب المسلمين؟

الجواب: (اختُلف في استرقاء أهل الكتاب (٤) ، فأجازها قوم وكرهها


(١) كما نقله الإمام ابن حجر عنه في الفتح (١٠/٢٠٨) .
(٢) كما في الترمذي - وحسَّنه - كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرقية بالمعوذتين، برقم (٢٠٥٨) ، عن أبي سعيد رضي الله عنه. بلفظ: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ من الجانّ وعين الإنسان، حتى نزلت المعوّذتان، فلما نزلتا أخذ بهما، وترك ما سواهما» . وعند أبي داود؛ كتاب: الخاتم، باب: ما جاء في خاتم الذهب، برقم (٤٢٢٢) عن ابن مسعود رضي الله عنه، بلفظ: «كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال» ، فذكر منها: «والرُّقى إلا بالمعوّذات» الحديث. وهو في ضعيف سنن أبي داود (٩٠٤) . وعند النسائي؛ كتاب: الزانية، باب: الخضاب بالصفرة، برقم (٥٠٩١) ، عن ابن مسعود رضي الله عنه أيضًا بلفظ: «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال» وذكر منها: «الرُّقى إلا بالمعوِّذات» الحديث.
(٣) الجواب من كلام الإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: الفتح (١٠/٢٠٦) .
(٤) المقصود: الاسترقاء بما عندهم مما لم يحرّفوه من الكتاب، أي: من التوراة والإنجيل، لا بالقرآن، ففي الموطأ (٥٠/٤) : أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على عائشة وهي تشتكي، ويهودية ترقيها، فقال: ارقيها بكتاب الله. اهـ. [فقد أمر الصدّيق الكتابيّة التي وجدها ترقي عائشة أن ترقيَ بما في كتابها] . انظر: المُعلِم بفوائد مسلم للإمام المازري (٣/٩٥) .

<<  <   >  >>