للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠- ... يقول تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ} . فهل يخلو تعلُّمُ السحرِ من أي نفع؟ وما هو أعظم ضررِ السحر؟

[الآية الكريمة فيها تصريح بأن السحر لا يعود على صاحبه بفائدة، ولا يجلب إليه منفعة، بل هو ضرر محض وخسران بحت] (١) إذًا، فلِمَ يتعلم الناس السحر؟! الواقع أن المنفعة المنفية هنا هي المنفعة في الآخرة، وقد بيّن المولى عز وجل ضر السحر على صاحبه في الآخرة، فقال سبحانه: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اُشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} ، فأي ضرر أعظم من تيئيس الساحر من رحمة ربه، وحسن ثوابه؟! [فالسحر يضر متعلمه في دينه، ولا ينفعه في معاده، فاما في العاجل في الدنيا، فإن السحرة قد كانوا يكسبون به ويصيبون به معاشًا] (٢) ، لكن هذه المنفعة العاجلة في الدنيا - غير المباركة - لا يمكن مقارنتها بنفع الآخرة، كما أن الضر المترتب على تعلم السحر في الآخرة لا يوازيه بحالٍ عَرَضٌ من حطام الدنيا قليل، [ويكفي أن يكون هذا الشر المترتب على السحر هو الكفر، ليكون ضرًا خالصًا لا نفع فيه] (٣) ، حتى لو توهّم السحرة أن فيه نوعَ منفعةٍ لهم. والحاصل: أن السحر يضر السحرة في دينهم، وليس له نفع لهم يوازي ضرره، [بل إن ضره يشمل دنياهم، فالساحر إذا عثر عليه فإنه يؤدب ويُزجر ويلحقه شؤم السحر] (٤) .

١١- ... يقول تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اُشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} . وهنا


(١) انظر: تفسير الشوكاني (١/١٢١) .
(٢) انظر: تفسير الطبري (١/٥١٠) .
(٣) انظر: تفسير الظلال لسيد قطب (١/٩٦) .
(٤) انظر: تفسير القرطبي (٢/٥٥) .

<<  <   >  >>