للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ... وفرقة لم يجاهروا بنبذ تلك العهود، ولكن نبذوا لجهلهم، وهم الأكثرون المدلول عليهم بمنطوق قوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٠] {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} .

- ... وفرقة، وهم العاملون بالسحر، تمسكوا بتلك العهود ظاهرًا ونبذوها خفية، عالمين بالحال، بغيًا وعنادًا، وهم المتجاهلون - مع كونهم يعلمون - وقد دل عليهم قوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠١] {كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ، وهذا الفريق هو الأعظم خطرًا، والأشد كفرًا] (١) ، ذلك أن [هؤلاء من علماء اليهود الذين نقضوا عهد الله بتركهم العمل بما واثقوا الله على أنفسهم العمل بما فيه، كأنهم لا يعلمون ما في التوراة من الأمر باتباع محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقه، فخالفوا أمر الله على علمٍ منهم بوجوبه عليهم] (٢) .

و ... أخيرًا، قد يتبادر إلى الفهم، وقوع تعارض بين ظاهر ما يدل عليه قوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} ، وما يدل عليه قوله سبحانه: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} ، فالأول يثبت للسحرة التأثير بالتفريق، والثاني ينفي قدرتهم على الضرّ إلا بإذن الله، [والحق أنه لا تنافي بينهما، فإن المستفاد من جميع ذلك: أن للسحر تاثيرًا في نفسه، ولكنه - مع ذلك - لا يؤثر ضررًا إلا فيمن أَذِنَ الله بتأثيره فيه] (٣) .


(١) انظر: نور الإيمان في تفسير القرآن للشيخ محمد مصطفى أبي العلا ص ١٤٥.
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٢/٥٥) ، وتفسير الشوكاني (١/١٢١) وتفسير الظلال (١/٩٦) .
(٣) وهو ما رجّحه إمام المفسرين الطبري بقوله: كأنه قال جلّ ثناؤه: وما هم بضارّين بالذي تعلّموا من الملكين، من أحد إلا بعلم الله. يعني: بالذي سبق له في علم الله يضرّه. اهـ. انظر: تفسيره (١/٥٠٩) .

<<  <   >  >>