للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك من مزيد إيمانه وعظيم يقينه، فيعظُم أجره ومثوبته بذلك؟ لذا فقد كان تعليم الملكين للسحر تعليمَ تحذيرٍ بوجوب اجتنابه، ونذارةٍ منه، ونهي شديد عنه، لا تعليم دعاء إليه، أو حثٍّ على طلب تحصيله، فهما في الحقيقة ممتثلان طاعة الله في التحذير من الفتنة، وإزالة الشُّبَه في ثبوت المعجزة، وإماطة الأذى عن طريق النبوَّات، وهذا - كما لا يخفى - بخلاف تعليم الشياطين للسحر، حيث لم يكتفوا بافترائهم الكذب على سليمان، بل دَعَوا إلى تعلم السحر، والعمل به، والدعوة إليه، واستبداله بشريعة الله، ومعجزات أنبيائه عليهم السلام، فهرع إليهم أولياؤهم من يهود ومن ترسّم خطاهم، فنبذوا تعاليم التوراة وكفروا بالنبيِّين عليهم السلام وبمعجزاتهم، ثم عمدوا إلى تعلم السحر والعمل به، وآمنوا بالسحرة وأباطيلهم، وعظموا أمرهم!!

هـ- ... هؤلاء اليهود - الذين نبذوا عهود التوراة ونسَوْا ميثاق الله الذي واثقهم به، بأخذ تعاليم كتابه بقوة، واتبعوا السحر فصدقوا به وتعلموه وعملوا به - هل كانوا جميعًا بهذا الوصف؟ أم هم الأكثرون منهم؟

إن المتأمل في نص الآية الكريمة يجدها تشير - مع سباقها - إلى أنّ [جُلّ اليهود أربع فِرَقٍ:

- ... فرقة آمنوا بالتوراة وقاموا بحقوقها، كمؤمني أهل الكتاب، وهم الأقلون المدلول عليهم بمفهوم قوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٠] {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} .

- ... وفرقة جاهروا بنبذ عهود التوراة، وتخطي حدودها، تمردًا وفسوقًا، وهم المعنيون بقوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٠] {نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} .

<<  <   >  >>