للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الخَلاَق» في هذا الموضع: النصيب. لأن ذلك هو معناه في كلام العرب، فيكون المعنى: ما له في الدار الآخرة حظٌ من الجنة، من أجل أنه لم يكن له إيمان ولا دين ولا عملٌ صالح يجازَى به، فلا نصيب لهم في الآخرة من الخيرات، أما من الشرور فإن لهم فيها نصيبًا] (١) .

- ... أما المذموم بقوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ... } ، فهو: [فعلُ المتعلِّمين من المَلَكين التفريق بين المرء وزوجه، وهذا خبر منه جل ثناؤه عن هؤلاء: أنهم بئس ما شروا - أي باعوا - به أنفسهم، برضاهم بالسحر عوضًا عن دينهم الذي به نجاةُ أنفسهم من الهَلَكة، جهلاً منهم بسوء عاقبة فعلهم، وخسارةِ صَفْقة بيعِهم] (٢) . كذلك، فإن الله تعالى قد ذم أحبار اليهود في ختام الآية بقوله: [البَقَرَة: ١٠٣] {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ، بأنهم إما أن يكونوا لا علم لهم بمغبّة ما يقدمون عليه من تعلم السحر وسوء عاقبة ذلك، أو أنهم علموا ثم تركوا العمل بعلمهم، والواقع - كما أخبرت الآية: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اُشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} - أنهم يعلمون، [لكنهم آثروا اتباع الشياطين والعمل بما أحدثته من السحر على العمل بكتاب الله ووحيه وتنزيله، عنادًا منهم، وبغيًا على رسله، وتعديًا منهم لحدوده، على معرفةٍ منهم بما عند الله من العقاب والعذاب لمن فعل ذلك] (٣) .

[ولبئس البديل ما استبدلوا به من السحر عوضًا عن الإيمان ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان لهم علم بما وُعِظوا به] (٤) ، [فهم قد باعوا أنفسهم


(١) انظر: تفسير الطبري (١/٥١١) .
(٢) المرجع السابق (١/٥١٢) .
(٣) انظر: الطبري أيضًا (١/٥١٢) .
(٤) انظر: تفسير ابن كثير ص ١٢٩، ط- بيت الأفكار.

<<  <   >  >>