للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استفتيته فيه، جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجليَّ، أو الذي عند رجليَّ للذي عند رأسي: ما وجع الرَّجل؟ قال: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشطٍ ومُشاطةٍ وجُفّ طلعةِ ذكرٍ، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروانَ» فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، ثم جاء فقال: يا عائشة كأنما ماؤها نُقاعة الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوس الشياطين» فقلت: يا رسول الله، أفلا أحرقته؟ فقال: «لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس منه شرًا» ، فأمر بها فدُفنت (١) .

٩- ما رواه البيهقي في «الدلائل» ، وهو عنده في موضعين أيضًا:

الأول: عن عائشة: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم طُبَّ حتى إنه ليُخيّل إليه أن صنع الشيء وما صنعه، وأنه دعا ربّه ثم قال: «أشعرتِ أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟» فقالت عائشة: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرّجُل؟ قال الآخر: مطبوب، قال: مَنْ طَبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فيماذا؟ قال: في مُشطٍ ومشاطةٍ وجُفِّ طلعةٍ ذكرٍ، قال: فأين هو؟ قال: هو في ذروانَ، وذروانُ بئرٌ في بني زُريْق» . قالت عائشة: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع على عائشة فقال: «واللهِ لكأن ماءها نُقَاعَةُ الحِنَّاء، ولكأن نخلَها رؤوس الشياطين» ، قالت: فقلت له: يا رسول الله، هلاّ أخرجتَه؟ قال: «أما أنا فقد شفاني الله، وكرهت أن أثير على الناس منه شرًا» (٢) .

الثاني: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: مَرِض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضًا شديدًا، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما ترى؟ قال: طُبَّ، قال: وما طِبُّه؟ قال: سُحِرَ، قال: وما سَحَرَه؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي، قال: أين هو؟ قال: في بئر آل فلانٍ، تحت صخرةٍ في رَكِيّةٍ، فأْتُوا الركيَّ فانزحوا ماءها، وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكَرْبة، فاحرقوها، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمّار بن ياسر في نفرٍ فأتَوْا الركيَّ، فإذا ماؤها مثل ماء الحِنَّاء، فنزحوا الماء، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الكربة فأحرقوها، فإذا فيه وَتَرٌ فيه إحدى عشرة عقدةً، فأنزلت عليه هاتان السورتان، فجعل كلما قرأ آية انحلّت عقدة: [الفَلَق:١] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *} ، و [النَّاس:١] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *} (٣) . وقال البيهقي: الاعتماد على الحديث الأول (٤) . اهـ.


(١) العزو السابق، برقم (٢٣٥٠٩) ، وقد روى ابن ماجه الحديث - كما سبق - من طريق ابن أبي شيبة عن ابن نمير، عن هشام، عن عروة عن عائشة. ونص الرواية مطابق لمروي مسلم، كما سبق الإشارة إليه.
(٢) دلائل النبوة، ومعرفة أحوال صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم» للبيهقي (٦/٢٤٧) .
(٣) العزو السابق نفسه.
(٤) قول البيهقي رحمه الله: الاعتماد على الحديث الأول، وهو من طريق أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. وقد ذكر البيهقي - عقب روايته الحديث - ... أن البخاري في صحيحه قد رواه من هذا الطريق. أما الحديث الثاني، فلم يصححه الإمام، لكون محمد بن السائب الكلبي - أحد رواة الحديث عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما - ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال للذهبي (٢/٦٥٦) .

<<  <   >  >>