للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل التفسير والسنن والحديث والتأريخ والفقهاء] (١) يضاف إليه أن عائشة رضي الله عنها لم تنفرد برواية هذا الحديث بل رواه - كما سبق إيراده - جمع من الصحابة، منهم: ابن عباس كما في طبقات ابن سعد، وزيد بن أرقم كما عند الحاكم مصحَّحًا، وابن أبي شيبة عنه أيضًا.

والحاصل في ذلك: أن رواية الحديث في الصحيحين، ورواية غير هشام له عن عائشة، ثم رواية غير واحد من الصحابة له، كلُّ ذلك يجعل الحديث بمنأىً عن تضعيفه، كما يجعل دعوى الإنكار بهذا التضعيف غايةً في الوَهْن والتهافت، وهي رَدٌّ على القائلين بها.

نأتي بعدها إلى إثبات سلامة متن هذا الحديث من الاضطراب؛ فنقول: إن المتأمل في مجموع رواياته يتبين له وقوع اختلاف ظاهر بينها من وجوه، لكن ذلك لا يقتضي وجود اضطراب في الروايات، حيث إن ذلك الاختلاف في ألفاظها لا يُفضِي إلى التناقض في معانيها، بل إلى التبيين والتكامل، وسوف أفصّل في ذلك - إن شاء الله - بما يتسع له المقام:

أولاً: اختلاف الروايات في بعض ألفاظها؛ نحو: [ «أَشَعَرْتِ» ، «أَِعَلِمْتِ» ]-[ «مُشَاطَةٍ» ، «مُشَاقَةٍ» ]-[ «وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ» ، «وَجُبِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ» ]-[ «بِئْرٍ ذَرْوَانَ» ، «بِئْرٍ ذِي أَرْوَانَ» ] ، [فَهَلاًّ أَخْرَجْتَهُ» ، «أَفَلاَ أَحْرَقْتَهُ» ]-[ «أن أُثِيرَ» ، «أن أُثَوِّرَ» ] .

إن مثل هذا الاختلاف الظاهر في ألفاظ الروايات لا يترتب عليه اختلاف في المعنى، بل هو ناتج من رواية المحدثين له بالمعنى، وهو يؤدي غالبًا إلى تكامل في معاني ألفاظ الحديث لا إلى تناقض في فحوى الروايات. أما الاختلاف الظاهر الذي يُبدِي تعارضًا في الروايات، فإن


(١) انظر: التفسير القيم، للإمام ابن القيم ص ٥٦٦.

<<  <   >  >>