للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرض تحل الأمَانِي فى أمَاكِنِها … بحيث تَجْتَمع الدُّنْيا وتَفْتَرق

إذَا شَدَا الطَّير فى أغصانِها وقفت … على حدائقها الأسْماع والحَدق (١)

ولا شَكَّ أنّ مدينة كهذه الّتى عُنى بها الخُلَفَاء والسَّلَاطين من جميع النَّوَاحِي لا تَخْلُو من المَدَارِس الّتى تُخَرِّج العُلَمَاء العَاملِين المُتَضَلّعين بالعلُوم المُخْتَلِفَة، والرّأي المَعْرُوف أنَّ حَرَكَة إنشاء المَدَارِس فى مصر بدأت مع قيام الدَّولة الأيُّوبية فيها، وذَلك حينما أسَّسَ صَلَاح الدّين يُوسُف ابن أيُّوب وأسرته وكبار رِجَال دوْلته المَدَارِس المُختَلِفَة فى الفُسطَاط وغيرها من مُدُن مصر، إلّا أن الدكتور الشَّيَّال يَرَى أن المَدَارِس أنشئت أوّل ما أنشئت فى الإسكندريّة وفى العَصْر الفَاطِمِي أى قبل إنشاء صَلَاح الدِّين لمدارسه فى الفُسطَاط والقَاهِرَة، وقال: كَانَ صَلَاح الدِّين بإنشائه هذه المدارس يتبع سِيَاسَة مُوضوعة، ويُنَفّذ خطَّة مَدْرُوسةً للْقَضَاءِ على المَذْهَب الشِّيعيّ ونشر المَذْهَب السُّنيّ مُقتفيًا سياسَة أُستَاذِه نُور الدِّين محمود بن زَنكي، ففى سنة (٥٦٦) أنشأ صَلَاح الدِّين مدرسة النَّاصِرِيّة فى الفُسطَاط لتدريس المَذْهَب الشَّافِعِى، ثم نَقَل عن المقريزيّ قوله: وهى أوّل مَدْرسة عملت بِديار مصر، ثمَ عَقَّب الشَّيَّال على هذا فقال: يقول ابن خَلِّكان فى ترجمته للعادل أبى الحسن علي بن السَّلَار وزير الخَليفة الظَّاهِر الفَاطِمِيّ وكان ظَاهِرَ التَّسنّن شَافِعِيّ المَذْهَبَ، ولمَّا وصل الحافظ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ إلى ثَغْر الإِسكندريَّة المَحْرُوس وأقام به ثم صَارَ العَادِل المذكور واليًا به (أى بالثَّغْر) احتفل به وزَادَ فى إكرامِه وعَمَّر له مَدْرسَة،


(١) تاريخ مدينة الإسكندريّة فى العصر الاسلامى ص: ١٠٠ - ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>