للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد أدى كل هذا إلى إهمال التنظير، فلا البحوث تبدأ من نظرية معينة، ولا هي تنتهي إلى بلورة نظرية خاصة بنا.. وبمرور الوقت نمت الاتجاهات المعادية للتنظير، على أساس أنه "كلام إنشائي" أو "عبارات خطابية"! "واعتبرت دراسة الماجستير والدكتوراه تدريبا على استخدام أدوات البحث، كأن التنظير لا يحتاج إلى تدريب، ولهذا اختلطت الأمور، واتجهت البحوث إلى معالجة الأعراض على أنها الأمراض، واهتمت بالموضوعات المحدودة الصغيرة، لأنها أكثر مناسبة لاستخدام أدوات البحث١.

والخلاصة: أن التصور الإسلامي لمناهج البحث العلمي لا يقف بمصادر المعرفة عند المنهج التجريبي وحده، إنه لا يهمله، ولا يقلل من شأنه ولا من شأن ثمراته المعرفية وإنجازاته التقانية الرائعة، فهو أحد ثمرات الحضارة الإسلامية الرائعة للإنسانية كلها. لكنه لا يقول بأنه السبيل الوحيد للمعرفة؛ فهناك المعرفة الربانية اليقينية المتمثلة في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم، وهناك المنهج الاستقرائي الاستنباطي، وهناك المنهج العلمي للنظر العقلي، وهو منهج التفكير القائم على العلم والخبرة، وتمحيص الحقائق، وعدم التأثر بمقررات سابقة لا برهان عليها، وعدم الاعتماد على الظن، وطلب الدليل في كل اعتقاد.


١ المرجع السابق.

<<  <   >  >>