للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من هذه العناصر يمكن استخلاص مجموعة من النتائج الأساسية في فهم عملية التربية أهمها ما يأتي:

النتيجة الأولى: أن التربية عملية هادفة، فهي تهدف إلى تحقيق أغراض الإسلام ومقاصده في المتعلم، وفي مجتمعه.

النتيجة الثانية: أن المربي الحق على الإطلاق هو الله الخالق، خالق الفطرة، وواهب المواهب، الذي سن سننا وقوانين لنموها، وتدرجها، وتفاعلها ... وشرع شرعا لتحقيق كمالها وصلاحها وسعادتها.

النتيجة الثالثة: أن عمل المربي تال وتابع لخلق الله وإيجاده، كما أنه تابع لمنهج الله وشريعته١.

النتيجة الرابعة: أن "التربية" هي حيثية إيماننا بالله، فنحن آمنا بالله معبودا لأننا آمنا به ربا، فنحن نوجه الحمد لصاحب النعمة قائلين: "الحمد لله" وحيثية ذلك أنه "رب العالمين".

النتيجة الخامسة: أن التربية تقتضي خططا متدرجة، تسير فيها الأعمال التربوية، وفق منهج منظم صاعد، ينتقل مع الناشئ من طور إلى طور، ومن مرحلة إلى أخرى، حتى يصل كل إلى درجة كماله الخاصة به.

التربية علم، وفن، وصناعة:

وإذا كانت التربية هي إيصال المربي إلى درجة الكمال التي هيأه الله لها، عن طريق مراعاة فطرته، وتنمية مواهبه، وقدراته وطاقاته -بطرق متدرجة، وتوجيهها للعمل في إعمار الحياة على عهد الله وشروطه، فإن ذلك كله يتم وفق وسائل وغايات العلم، والفن، والصناعة.

فالتربية علم "إخبار" من حيث إنها إخبار عن الحقائق الكلية، والمعايير والقيم الإلهية الثابتة، التي يتلقاها الإنسان، فيؤمن بها إيمان تسليم ويتكيف معها. وهي علم إخبار -أيضا- من حيث إنها معرفة بقوانين الله في الكون التي تم اكتشافها في الزمن الماضي.

والتربية علم "إنشاء" من حيث إنها محاولة للكشف عن "الحقيقة"، ومعرفة للقوانين والسنن التي خلق الله الكون عليها، والتي يكتشفها الإنسان من آن لآخر، كلما ارتقى في سلم المعرفة، فالتربية هنا علم من علوم البحث، ومناهج البحث التي تعين الإنسان على الاكتشاف والاختراع والإبداع، ويدخل فيها "العلم" في العلوم الإنسانية، التي تكتسب فيها المعرفة عن طريق الملاحظة، والتفكير، وإدراك العلاقات،


١ عبد الرحمن النحلاوي: أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع، دار الفكر العربي، بدون تاريخ، ص١٢-١٤.

<<  <   >  >>