جميع جوانب الشخصية الإنسانية، وهي تستعين بوسائل منها "التعليم" فالتعليم وسيلة للتربية، ومدلوله أضيق من مدلولها؛ لأنه مرتبط بموضوع معين.
و"التعليم" قد يهدف إلى تحصيل المعرفة، أو إلى التدريب على مهارة، أو إلى حفظ نص من النصوص الأدبية، أو قانون من القوانين الرياضية أو الطبيعية، و"التربية" تتخذ كل ذلك وسيلة لتربية المشاعر، وتنمية الإحساس بالذوق والجمال في الكون الذي صنعه الله، وتربية الضمير والوجدان، وتربية الإرادة الحرة الواعية، والقيم الإيمانية والقيم الخلقية النابعة منها، وأنماط السلوك التابعة لها.
ومع ذلك "فإن كل عمل تعليمي جيد لا بد أن يكون له هدف تربوي.. أي: أن التعليم المثالي إنما هو تربية، ولكنه -في الاصطلاح- يظل مرتبطا "بموضوع ما"، في حين أن التربية تتناول النفس الإنسانية أو الشخصية الإنسانية كلها.
إذن فالتربية والتعليم ليسا متعارضين ولا منفصلين، بل هما متآزران ومتكاملان، ويترتب على هذه العلاقة تطبيقات كثيرة في تخطيط المناهج وتطويرها، وفي إعداد الكتب وتصميم الوسائل، واختيار طرق ووسائل التدريس والتقويم، وممارسة العمل التربوي عموما مع الناشئين في البيت والمدرسة والمجتمع.
الأصالة والمعاصرة في التربية:
لا شك أن مفهوم الأصالة والمعاصرة يختلف من منظومة حضارية إلى منظومة حضارية أخرى، ففي المعاجم العربية نجد أن الأصالة في الرأي: جودته والأصالة في الأسلوب: ابتكاره، والأصالة في النسب: عراقته، وأصل الشيء: أساسه الذي يقوم عليه، ومنشؤه الذي ينبت منه، وأصول العلم: قواعده التي تبنى عليها أحكامه، وبناء على ذلك فالأصالة في التربية اعتمادها على القواعد والأسس الأصيلة التي تقوم عليها، والأرض التي تنبت فيها، وأصالة التربية تعني أن يجيء التفكير التربوي بجميع ألوانه وأنماطه متسقا مع التصور الإيماني لحقيقة الألوهية وحقيقة الكون، وحقيقة الإنسان، وحقيقة الحياة، فهذه هي القواعد التي تقيم نظم التربية وتهدي إلى مثلها، وطرائقها وأساليبها.
أما المعاصرة في التربية، فهي تحقيق التربية لأهدافها في زمن معين وفق معطيات الزمان والمكان وحاجات الناس في ذلك الزمن، ومع استخدام ما توافر لها من الوسائل والأدوات في ذلك الزمن.
وتتخذ النظم التربوية من هذا المفهوم للمعاصرة أحد الموقفين التاليين: فبعض النظم التربوية تجعل من "المعاصرة" معيارا أساسيا، فتتغير تغيرا كبيرا من