للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-سبحانه- قد قال فيها ما لا يملك أحد أن يقول: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: ٢٥٥] .

هذه هي قاعدة التصور الإسلامي الأساسية، فالتصور الإسلامي "يفصل فصلا تاما بين طبيعة الألوهية وطبيعة العبودية، فهما لا تتماثلان ولا تتداخلان، كذلك يبين التصور الإسلامي بيانا حاسما: من هو "الله" صاحب الألوهية ومن هم "العبيد" الذين تتمثل فيهم العبودية"١.

فعن مشيئة الله الواحد -سبحانه- صدرت كل الخلائق، وبقدر الله تقوم وتتحرك، لا شريك له في هذه الألوهية، لا في حقيقتها ولا في خصائصها، ولا في سلطانها.

"إن المنهج القرآني يجلي هذه الحقيقة بآثارها الفاعلة في هذا الوجود. في الخلق والتدبير، في تصريف هذا الكون وما فيه ومن فيه، في تسخير الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم، في إيلاج النهار في الليل، وإيلاج الليل في النهار، في إرسال الرياح لواقح، وإنزال الماء من السماء، في انبثاق الحياة من الموت، وانبثاق الصبح من الظلام، في إخراج الحي من الميت، وإخراج الميت من الحي، في بدء الخلق وإعادته، في القبض والبسط، في البعث والنشور، في النعمة والنقمة، في الجزاء والحساب، في النعيم والحساب، في كل حركة وكل انبثاقة، وكل تغير وكل تحور في عالم الغيب أو في عالم الشهادة، في هذا الوجود الكبير"٢.

جوهر العقيدة التوحيد:

عقيدة الإسلام تشمل الإيمان بالله، وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وكل ركن من هذه الأركان وثيق الصلة بسائر الأركان، فهي تكون كلا واحدا متكاملا، لكن سائر الأركان مرتبط بالركن الأول ارتباط صدور، وارتباط غاية. فكل شيء صادر من الله، وكل شيء عائد إليه.

والتوحيد هو جوهر دين الله للبشر، من آدم -عليه السلام- إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥] .


١ سيد قطب: مقومات التصور الإسلامي، مرجع سابق، ص٨١.
٢ المرجع السابق: ص٤٣.

<<  <   >  >>