هناك فلسفتان في هذا الموضوع ولكل منها آثارهما الواضحة في المجتمع:
١ - فلسفة الاسلام، في أن البنت والمرأة بوجه عام لا يصح أن تكلف بالعمل لتنفق على نفسها، بل على أبيها أو زوجها أو أخيها مثلاً أن يقوم بالانفاق عليها، لتتفرغ لحياة الزوجية والأمومة، وآثار ذلك جلية واضحة في انتظام شؤون البيت، والاشراف على تربية الأولاد، وصيانة المرأة من عبث الرجال وإغرائهم وكيدهم، لتظل لها سمعتها الكريمة النظيفة في المجتمع.
٢ - فلسفة الغربيين، في أن البنت متى بلغت سناً معينة - وهو في الغالب سبعة عشر عاماً - لا يجب على أبيها أو أقربائها الانفاق عليها، بل يجب عليها أن تفتش عن عمل لها تعيش منه وتدخر ما تقدمه بائنة (دوطة) لزوجها المرتقب. فاذا تزوجت كان عليها أن تسهم مع زوجها في نفقات البيت والأولاد، فاذا شاخت - وكانت لا تزال قادرة على الكسب - وجب عليها أن تستمر في العمل لكسب قوتها ولو كان ابنها من أغنى الناس.
وآثار هذه الفلسفة واضحة كما شاهدناه بأعيننا في ديار الغرب، وكما قرأنا عنها في كتابات المفكرين الغربيين، وفي صرخات المرأة الغربية أخيراً. كما ترى في "الملاحق".
إن أهم آثار هذه الفلسفة المادية أنها خالية من كل تقدير لرسالة المرأة الخطيرة في الحياة، وأنها تلقى بها في أتون شهوات الرجال وشرهم الجنسي لقاء لقمة العيش، وأنها ترهق المرأة من أمرها عسراً فوق ارهاقها الطبيعي بالحمل والولادة، وأنها تؤدي الى تفكك الأسرة وتشتت شملها، ونشوء الأولاد بعيدين عن مراقبة آبائهم وأمهاتهم.
إن كثيرين عندنا - رغبة في مسايرة الحضارة الغربية في كل شيء - ينادون بوجوب فتح باب العمل للمرأة كالرجل سواء بسواء، وهم يغالطون أنفسهم حين يزعمون أن مساواة المرأة بالرجل لا تتم إلا بهذا، وأن سر قوة الغربيين في أن المرأة عندهم تكافح في سبيل الحياة بجانب الرجل، وتتحمل من المسؤوليات مثل ما يتحمل.
ولقد ناقشتني فتاة جامعية مرة في هذا الموضوع، وكانت تشتغل ضاربة على الآلة الكاتبة في محل تجاري الى جانب دراستها الجامعية، وهي غير