بلادنا سمناً لا يوجد مثيله في البلاد الغربية التي يشتغل فيها نساؤها.
ودحض هذه الحجة "الاقتصادية" سهل إذا تذكرنا الحقائق التالية:
١ - إن اشتغال المرأة يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيراً سيئاً، باعتبار أن إشتغالها فيه مزاحمة للرجل في ميدان نشاطه الطبيعي، مما يؤدي الى نشر البطالة في صفوف الرجال، كما وقع في بلادنا منذ أخذت المرأة طريقها الى وظائف الدولة فقد أصبح عدد كبير من حملة الشهادات الثانوية والعليا عاطلين عن العمل، يملؤون المقاهي، ويقرعون أبواب الحكومة طلباً للوظائف، بينما تحتل أمكنتهم فتيات لا يحملن غالباً مثل مؤهلاتهم وكفاءاتهم.
ومثل ذلك يقع الآن في أمريكا فقد أدت مزاحمة المرأة للرجل إلى بطالة متفسية في الرجال تزداد يوماً بعد يوم، وسترى في "الملاحق" ما يؤيد هذا.
٢ - إذا ثبت أن إشتغال المرأة يؤدي الى بطالة الرجل، كان من المحتمل أن يكون هذا الرجل الذي زاحمته زوجها أو أباها أو أخاها، فأي ربح إقتصادي للأسرة، إذا كان اشتغال المرأة يؤدي إلى بطالة عميدها والمكلف بالانفاق عليها؟
٣ - إن مصالح الشعوب لا تقاس دائماً بالمقياس المادي البحت، فلو فرضنا أن اشتغال المرأة يزيد في الثروة القومية، إلا أنه من المؤكد أن الأمة تخسر بذلك خسارة معنوية واجتماعية لا تقدر، تلك هي خسارتها بانسجام الأسرة وتماسكها، فقد ذكرنا فيما مضى - وسترى ذلك في الملاحق - أن الغرب خسر كثيراً باشتغال المرأة، حيث انهار صرح الأسرة، وفسدت أخلاق الأولاد، فأي الخسارتين أبلغ ضرراً في الأمة؟ الخسارة المادية! أم الخسارة الاجتماعية!
إن الذين يلحون على ضرورة إشتغال المرأة خارج بيتها لتكسب البلاد نتيجة عمل المرأة، لا يبالون بما تخسره البلاد من تفكك الأسرة، وفقدان الرقابة والرعاية على تربية أبنائها وبناتها، ومثل هؤلاء يتبنون فلسفة مادية بحتة - وهذا ما تفعله الشيوعية تماماً - ولكن المجتمع لا تتم سعادته إذا نظر الى القيم الأخلاقية والروحية والعائلية نظرة ثانوية أو نظرة ازدراء، ومجتمعنا مجتمع متدين تسيّر سلوكه المبادئ الأخلاقية التي جاءت بها أديانه، فلا يمكن أبداً أن ينظر إلى الأسرة بالمنظار الذي تنظر به الشيوعية والحضارة الغربية المادية اليها،