ثم انظر: هل حقيقي أن الديانة المسيحية بتقريرها الجبري لفردية الزوجة والتوحيد فيها وتشديدها في تطبيق ذلك، قد منعت تعدد الزوجات؟ وهل يستطيع شخص أن يقول ذلك دون أن يأخذ منه الضحك مأخذه؟ وإلا فهؤلاء ملوك فرنسا - ودع عنك الأفراد - الذين كانت لهم الزوجات المتعددة، والنساء الكثيرات، وفي الوقت نفسه لهم من الكنيسة كل تعظيم وإكرام.
إن تعدد الزوجات قانون طبيعي، وسيبقى ما بقي العالم! ولذلك فإن ما فعلته المسيحية، لم يأت الغرض الذي أرادته، فانعكست الآية معها، وصرنا نشهد الإغراء بجميع أنواعه، وكان مثلها في ذلك مثل الشجرة الملعونة التي حرمت ثمراتها فكان التحريم إغراء.
على أن نظرية التوحيد في الزوجة، وهي النظرية الآخذة بها المسيحية ظاهراً، تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هي "الدعارة" و "العوانس من النساء" و "الأبناء غير الشرعيين".
وإن هذه الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد التي طبقت فيها الشريعة الاسلامية تمام التطبيق، وإنما انتشرت فيها بعد الاحتكاك بالمدنية الغربية.
- ... وتقول الكاتبة الايطالية "لورافيشيا فاغليري" استاذة اللغة العربية وتاريخ الحضارة الاسلامية في "نابولي" بايطاليا، في كتابها "دفاع عن الاسلام" ص ٩٧:
"إنه لم يقم الدليل حتى الآن بأي طريقة مطلقة، على أن تعدد الزوجات هو بالضرورة شر اجتماعي وعقبة في طريق التقدم. ولكننا نؤثر أن لا نناقش المسألة على هذا الصعيد، وفي استطاعتنا أيضاً أن نصر على أنه في بعض مراحل التطور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها - كأن يقتل عدد من الذكور ضخم الى حد استثنائي في الحرب مثلاً - يصبح تعدد الزوجات ضرورة اجتماعية، وعلى أية حال فليس ينبغي أن نحكم على هذه الظاهرة بمفاهيم العصور القديمة المتأخرة، لأنها كانت في أيام محمد (صلى الله عليه وسلم) مقبولة قبولاً كاملاً، وكانت معترفا به من وجهة النظر الشرعية، لا بين العرب فحسب، بل بين كثير من شعوب المنطقة أيضاً.