وغيره من الأسباب التي قد تكون سبباً للانتحار هي على العموم لا تكون إلا في الكبر، ووجود حوادث محاولة الانتحار عند الاطفال تنبهنا الى وجود أسباب أخرى.
إن ١٣٦ بنتاً حاولن الانتحار في ١١ شهراً منهن ١١٤ تعود لأوضاع عائلية مؤلمة وغير طبيعية. ثلاثة أرباع لم يكن لهن آباء عندما مروا في سنوات التطور المهمة: في ٣٧ حادثة لم يعد الأب فيها من الحرب وفي الباقي: عائلات يعيش فيها الوالدان متفرقين نتيجة طلاق أو نتيجة نزاع وخلاف: أمهات مضطرة أن تعمل: آباء متغيرون: عائلات مخربة: نفسيات أطفال مهدمة. فقط هذه الأوضاع العائلية تفسر لنا محاولات الانتحار، وعندما نسأل فتاة: لعل هذا يسيء الى والديك تجيب: من يتألم عندما أفنى؟
وعندما يبحث الانسان في تاريخ حياة المريضة العائلية منذ البدء يجد تفسيراً لهذه الرسالة المؤثرة والتي كتبتها فتاة لأهلها قبل يوم من محاولة انتحارها، لقد كتبت:
(في مستهل رسالتي أخبركم أنني بغير تطلع ورغبة استلمت رسالتكم ويؤسفني أن أخبركم أن نفسي عازفة عن معرفة أي شيء عنكم، وكل ما أطلبه منكم هو أن ترسلوا لي أغراضي وأن لا تحاولوا الاهتمام بي، فما أعمله ليس لكم به شأن، وذلك لأنه لو كان الموضوع يتعلق بحاجاتي فلا أجد منكم سوى تململ وعزوف، لماذا تكتبون لي أنكم مرضى وانكم ضعفاء أنا لا يهمني هذا، واعلموا أنني لو رأيتكم في حالة النزاع فلا تحلموا آنئذ بجرعة ماء مني .. أشعر أنني مبغوضة من كل مكان، ولقد سمعت منكم كثيراً ما تقولون أنني حجرة في طريقكم وأنه يحسن أن تقتلوني، وعلمت أنكم تمنيتم موتي أثر حادثة الاصطدام التي وقعت بي. سأفعل ما يدهش الجميع ويحرركم ويتيح لكم الفرصة أن تختاروا انسانا آخر. فعلى كل حال يجب أن يقام بعمل فيه لا يراعي الانسان شيئاً، انني سأنتقم منكم جميعاً).
لقد حذفنا من الرسالة المواضيع السيئة جداً، ولكن مع كل هذا فان القارئ يشعر كيف أن الفتاة تفضح حقدها، وتقول أكثر مما أرادته في أول الرسالة، ونلاحظ كذلك كيف أنها تتأرجح ما بين مهاجمة أهلها ومهاجمة نفسها فمرة تريد أن تنتقم انتقاماً دموياً، ومرة تريد أن تنتقم من نفسها فتنتحر.