يضاف الى هذا أيضاً ذلك التعقيد المتمثل بنمو الطفل الجسمي أسرع من الماضي، متأثراً بهذا العالم التكتيكي حوله، وهذا ما أثبته الأستاذ A. Huhn في جامعة ميونيخ، حيث وجد أن ٩٥% من فتيان اليوم يمرون في سنة التطور الجسمي مع تأخر في النفسي، فالفتى الذي يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، والذي يبدو في المظهر أنه يبلغ ثمانية عشرة عاماً، هو في الحقيقة لا يتجاوز من حيث النمو النفسي اثني عشر عاماً.
ان الذرية الحالية تشعر بالرغبة في أن ترسم مخطط حياتها بنفسها في سن مبكر، في حين أنها في الواقع ليس لديها الاستعداد النفسي لذلك.
وأخيراً فقد كانت العائلة في الماضي تضم أفرادها مدة أطول تحت سلطانها، وليس الأمر كذلك بالنسبة لانسان اليوم، فسلطة والديه عليه ضعيفة، وما الأب سوى شكل جانبي في الأسرة، بينما كان يمثل الشخصية المحترمة الأولى التي تدير الأسرة وتقودها.
كثير من المال وقليل من التربية
إن إشتراك المرأة في العمل والوظيفة شغل جل وقتها، ونتج عن هذا أمر خطير هو شلل شعور الأمومة فيها، فلم يعد عند الأم فراغ تهتم به بأبنائها، بل تركت للمال الذي تقدمه لهم بسخاء، أن يعوض عن الحب والاهتمام بشؤونهم، وبهذا انعدم وجود نساء يستطعن ان ينمين في أطفالهن شعور الايثار والتضحية وحب الانسانية والاستعداد للعيش مع الآخرين بوئام وانسجام، لقد تحول العالم وتغير الانسان، وأصبحت الأمهات تتسابقن في تحقيق كل رغبة لأطفالهن، فتجاوز دلال الأطفال كل حد، وطفح كيل تزويدهم بكل حديث، وفتحت لهم أبواب تحقيق مسراتهم على مصراعيها: السينما والسيارة (أو الموتور) والالعاب الاوتوماتيكية، ومزاولة الرقص في كل ساعة من ساعات اليوم، حتى أصبحت هذه الامور من البديهيات .. ولكن الكلمة التي يجب أن تقال هنا:
إن الشباب الحالي يملك كثيراً من المال، وكثيراً من الوقت، وكثيراً من الحرية أيضاً، ولكن لا نجد أحداً يعتني بتكوينهم وتربيتهم، وقلما يلاحظ المرء أنه مع نماء المظهر الخارجي والسعادة الظاهرية للانسان، تنمو كذلك، صحراء داخلية في قلب كل فتى وفتاة.