ان هذه الكتيبات تكنس كل ما في الفتوة من خجل واحترام وكيان، وتهدم كل مقومات صيانة الأخلاق الطبيعية التي يحملها في نفسه بحكم فطرته.
ما أظن أحداً يستطيع أن يقدر المقود الضخم الذي تملكه الكلمة المطبوعة بالنسبة للذين لم يتم نموهم بعد، والذين لا يزالون في منتصف مرحلة النمو، وخصوصاً تلك الكلمات المنتقاة، مثل: جنس، عمل اغتصابي، انحراف جنسي، ان لهذه الكلمات قوة هائلة على نفوس هؤلاء الشباب، وعلى سبيل المثال: فقد بلغ المشهد نهايته العظمى في أحد هذه الكتيبات التي التقطت من طفل في الثانية عشرة من عمره، وفي هذا المشهد يصور للطفل صورة انسان يحترق، لقد ورد في هذا الكتاب: هل رأيت شمعة إنسانية تحترق، وبشكل خاص عندما تقفز هنا وهناك وترجف مع قفزها؟ تماماًَ كما يفعل الديك الذي قطعت رقبته، لقد أوقدنا شمعة إنسانية منذ عدة أسابيع قفز رجل عالياً كالصاروخ وهرب الى بيته، وهناك ابتدأت النيران تشتعل فأحرقت الخزائن معه أيضاً زوجه وأطفاله.
إنه من طبيعة الفتيان الذين لم يبلغوا بعد امكانية الحكم على الأشياء حكماً صحيحاً، أن ينقلوا صور هذا العالم الثنائي البعد، عالم الكلمة المطبوعة، وعالم الصور المتحركة على الشاشة البيضاء، الى التنفيذ العملي، وتحت هذا الفيض الزاخر من عمل العنف وارتكاب الجنايات تنطفئ كل دوافع المسؤولية واحترام الانسان، وبهذا ينحني سلوك الفرد وتصبح عوامل العنف عنده أمراً طبيعياً، وبقدر ما يوجد من آباء واعين مسؤولين، يمكن أن تدرك هذه الحقائق كما يدركها آلاف من المربين والقساوسة وأطباء النفس.
.. ولكن لماذا لا نبحث عن مخططات لمعالجة الموقف؟ أما يشغل الوزارات غير رؤوس نائمة لا تدرك خطر الأفلام والكتيبات؟
الجنس ينمو أسرع من النفس
لم يعد في مقدور الآباء أن يقدموا لأطفالهم ما يملأ فراغ عالم إدراك الشاب الذي لم يبلغ من العمر الثلاثين أو الأربعين، وذلك بما تقدمه له الأفلام والصحف المصورة والتلفزيون من مشاهد لا يراعى في انتقائها واختيارها أي وقع لهؤلاء الفتية، ومن ثم تسلم ضمائر هؤلاء الأطفال الى اضطراباتها.