إن مثل هذه الحالة سفه محض، وتستطيع الدولة أن تمنعها دون أن تقف مكتوفة الأيدي، كما تتدخل في أمر كل سفيه فتحد من تصرفاته، وتمنع عنه وعن غيره الضرر والأذى.
وبعد هذه المناقشة أرى أن موقف القانون السوري هو أعدل المواقف وأحكمها وقد وقف في ذلك موقفاً وسطاص بين المانعين، وفي ذلك ما فيه من العدوان على شريعة الله والتضييق على مصلحة الأمة وبعض الأفراد، وبين المطلقين الذين يمنعون أي قيد فيه، وفي هذا ما فيه من فسح المجال لبعض السفهاء باستعمال هذا الحق في غير موضعه، فتضيع الزوجات والأولاد.
ولست أرى الذهاب الى أبعد من ذلك في هذا الموضوع، والعناية بالتربية الدينية وتنمية الوعي الاجتماعي كفيلان بحسن استعمال هذا الحق حين يستعمل عند الضرورة، دون إضرار بالمجتمع أو اساءة الى وحدة الأسرة وتماسكها.
إنني أنا شخصياً ممن لا يفكر في الزواج إلا بزوجة واحدة، وقد قلت في بعض ما كتبت (١):
"أقوى الناس على تحمل المتاعب من يتزوج اثنتين، وأسرع الناس الى الهلاك من يتزوج ثلاثاً، وأقرب الناس على الجنون من يتزوج أربعاً، وليس في اباحة الله لنا ذلك، ما يحملنا على التعرض للمتاعب من غير ضرورة ملجئة".
وشريعة الله حين أباحت التعدد إنما تركت الباب مفتوحاً لمعالجة الضرورات الفردية والاجتماعية ولم ترغب في ذلك ولم تنفر، لأن طبيعة الانسان تغني عن الترغيب او التنفير من ذلك، ففي فطرة كل انسان ان لا يتحمل طائعاً مختاراً إلا زوجة واحدة، وان لا يهدأ ولا يستقر إلا بذلك، ولكن التشريع الخالد ما وجد فيه الناس جميعاً حاجاتهم، وما وجدت فيه الأمم طلباتها في مختلف ظروفها وأحوالها.
فليس في ترك التعدد مباحاً كما هو في الشريعة ترغيب للناس في ذلك، وهذا هو الواقع المشاهد، ولكن في تضييقه أو منعه حيلولة دون معالجة مشكلات خاصة تجد علاجها في التعدد، ومنع الأمة في ظرف من