الاسلام أن يقع الطلاق بين الزوجين لمرة واحدة تعتد فيها الزوجة في بيت الزوجة مدة تقارب ثلاثة أشهر - ويعرف تفصيل ذلك من محله في كتب الفقه (١) - وفي خلال العدة تعيش الزوجة في بيت الزوجية، إلا أن زوجها لا يعاشرها معاشرة الأزواج، والحكمة من جعل العدة بهذا الشكل هو ترك الفرصة الكافية لاعادة الصفاء بين الزوجين، بعد أن تهدأ أعصاب كل منهما، ويريان نتيجة الانفصال وآثاره السيئة على حياتهما وحياة أولادهما، فلعلهما يعودان عن الخصام والنزاع، ويعود الهدوء والحب الى جو الأسرة.
هذا ومع أن الاسلام أجاز ايقاع الطلاق في هذه الحالة كأمر لا مفر منه فإنه يراه مكروها، وينفر منه أشد التنفير. وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:"أبغض الحلال الى الله الطلاق".
ثم إن الطلقة التي أوقعها تعتبر طلقة رجعية ما دامت المرأة في العدة، بمعنى أن الزوج يستطيع أن يرجع اليه من غير مهر ولا عقد ولا شهود بل يكفي أن يتعاشرا معاشرة الأزواج لينتهي أثر هذه الطلقة، وتعود الحياة الزوجية الى سابق عهدها، وفي مذهب الشافعي لا بد من المراجعة بالقول كأن يقول لها:"راجعتك" فتحل له رأساً.
٥ - اذا انتهت العدة ولم يراجع الزوج زوجته أصبحت الطلقة بائنة بمعنى أن الزوج لا يستطيع أن يعود اليها الا بمهر وعقد جديدين، وان المرأة لو رفضت العودة اليه وفضلت أن تقترن بزوج آخر، لا يملك الزوج الأول إجبارها على العودة، ولا منعها من الزواج بالثاني.
٦ - اذا عادا الى الحياة الزوجية - سواء خلال العدة أو بعدها - ثم تكرر الخلاف نعيد ذات الخطوات السابقة، من ايصائهما بحسن معاملة احدهما الآخر، وتحمل احدهما لما يكرهه من الثاني، فاذا اشتد الخلاف ثانية لجأنا الى التحكيم العائلي، فاذا لم ينجح في الاصلاح بينهما كان للزوج أن يطلقها طلقة ثانية، ولها ذات الأحكام التي تأخذها الطلقة الأولى.
٧ - فإذا عاد الزوج الى زوجته بعد الطلقة الثانية وعاد الخلاف بينهما، عدنا الى اتخاذ الخطوات السابقة قبل ايقاع الطلاق، فاذا لم ينفع كل ذلك في
(١) انظر كتابنا الجزء الأول شرح قانون الأحوال الشخصية.