ونعود ثانية إلى داخل الأسرة، فنجد أنها أول خلية للمجتمع يقابلها الطفل، وأول وكيلة من قبل البيئة لتنشئته وتنبيه عواطفه، وواضعا بذور القيم والتقاليد والعادات عبر الأم بالدرجة الأولى يساعدها الأب بالدرجة الثانية ويشاركها أعضاء الأسرة، إن هذا يجعل للأسرة الفضل في بث أوليات ثقافة الطفل.
ثم نعود ثانية أيضا لمدارسنا فتعتبر عملية توجيه الطفل نحو النظام الاجتماعي والسياسي القائم وتعضييد احترامه له هو أحد المسارات التي تعمل فيها المدرسة كمؤسسة تحافظ على ثقافة المجتمع وتراثه، ولكن مسئولية مدارسنا لن تنتهي بالمحافظة على الوضع الراهن ولا حتى عن طريق التنشئة الاجتماعية للأفراد القادرين على التكيف بسهولة مع البيئة الاجتماعية والمادية المتغيرة، ولكن بدلا من ذلك سوف تمتد إلى أقصى درجة ممكنة من تشجيع القدرات العقلية واستثمارها لأعضاء المجتمع الجدد من الأطفال.
وعلى مؤسساتنا التربوية أن تأخذ على عاتقها القيام بدور رئيسي للتحديث الواع والتغير إلى جانب دورها الشرعي في تأكيد الاستمرار الثقافي للمجتمع وأصالته المتميزة، وخاصة بعد انتشار وسائل الاتصال الحديثة مثل "الدش".
وسوف يصبح هناك تفاقهم للمشكلة نتيجة لحقيقة يثيرها الآباء وهي: أن المدرسة تبدو أنها تتغير بطريقة أكثر بطئا عن أوجه المجتمع الأخرى، إن كل التعليم تقريبا يصبح قديما وقد يكون باليا في الوقت الذي يعطى فيه.
إن علاج هذه المشكلة سوف يساهم فيه التقاء المؤسسات المختلفة التي تهتم بالطفل لتحديد الدور الذي تشارك به كل منها ومداه آخذين في الاعتبار عدم ظهور الازدواجية في الأداء أو التعارض بل التعزيز والتكامل بين هذه المؤسسات.
ومن بين هذه المصادر الكلمة المطبوعة والممثلة في الكتب والمجلات المقدمة للأطفال. إن لها الأثر الكبير على ثقافة الطفل، فالكلمة المكتوبة هي أول وسيط ثقافي للإنسان، وظلت وسوف تظل بقدرتها وقيمتها.
والكتاب الثقافي للطفل هو الذي يقدم له الصور الذهنية والفكرية والوجدانية ويفسر له المعاني التي تتكون في خاطره وفي خياله على مر الأيام والأعوام، ويترجم له كل التصورات والأفكار والخيالات معتمدا على الانطباعات الحسية والمعنوية فيجد فيه الطفل ومنه إمتاعا عقليا، والكتب بمثابة الناقل للحضارة