الضعف، وهو إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصغير١ المكي راوه عن ابن أبي مليكة عن عائشة قال: فيه ابن معين وأبو حاتم ليس بالقوي. ورواه ابن مهدي. وقال يحيى القطان: تركته ثم كتبت عن سفيان عنه، نقل هذا كله الذهبي في "الميزان" وذكر له هذا الحديث. وحديث آخر له عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها أيضا: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه حتى يبدو ضبعاه إلا لعثمان بن عفان إذا دعى له".
وذكره لهذين الحديثين مشعر بأن في صحتهما نظر، وذلك والله أعلم لكون الترمذي صحح هذا الحديث وحسنه وكذا الحاكم لأنه أخرجه في "مستدركه على الصحيحين، ومما يقوي النظر في صحة هذا الحديث: أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في حجته نقلت بأسانيد صحيحة لا وهن فيها، ولم يذكر فيما نقل من أفعاله صلى الله عليه وسلم في حجته بمثل ذكر دخوله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في حجته، ولو وقع ذلك لذكر كما ذكر بالإسناد الصحيح مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى زمزم وإرادته النزع منها وشربه من السقاة، ودخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في حجته لو وقع أولى بالذكر من هذه الأمور، ولا يعارض ما أشرنا إليه ما ذكره البخاري في صحيحه في باب الزيارة يوم النحر، لأنه قال: ويذكر عن أبي حسان، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت أيام منى، لأن زيارة البيت لا تستلزم دخوله، ويصدق على الطواف به، وأيضا فإن هذا تعليق بصيغة التمريض، والاحتجاج به يتوقف على ثبوته، والله أعلم.
ومما يقوي النظر في حديث عائشة رضي الله عنها المشار إليه، إنكار غير واحد من أهل العلم دخول النبي صلى الله عليه وسلم في حجته على ما ذكر منهم سفيان بن عيينة، والله أعلم.
وبتقدير صحته فليس فيه ما يشعر بأن من نفى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في حجة الوداع، حتى يكون من نفى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة محمولا على هذا الزمن كما قال ابن حبان، ولا ينبغ التعارض بين حديث من أثبت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة، وحديث من نفاها، بالتوفيق الذي ذكره ابن حبان لفقد دليل يدل على ما ذكره من أن الزمن الذي أثبت فيه بلال رضي الله عنه ومن وافقه الصلاة في الكعبة غير الزمن الذي نفى فيه أسامة رضي الله عنه ومن وافقه الصلاة، وقيام الدليل على أن الزمن الذي أثبت فيه بلال ومن وافقه الصلاة والزمن الذي نفى فيه أسامة ومن وافقه الصلاة به متجه، وهو يوم فتح مكة، كما سبق بيانه، ويتعارض حينئذ خبر
١ كذا في الأصل، انظر: التاريخ لابن معين ٢/ ٣٥، الجرح والتعديل ١/ ١٨٦، التاريخ الكبير ٢/ ٣١٧، المعرفة والتاريخ ٣/ ١٠٨، المجروحين ١/ ١٢١، ميزان الاعتدال ١/ ٢٣٧، الإكمال ٥/ ١٨٧، الكاشف ١/ ٧٥، تهذيب الكمال ٣/ ١٤١، المغني في الضعفاء ١/ ٨٥، تهذيب التهذيب ١/ ٣٩٦، تقريب التهذيب ١/ ٧٢، العقد الثمين للتقي الفاسي ٣/ ٣٠١.