للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلال رضي الله عنه ومن وافقه وخبر أسامة رضي لله عنه ومن وافقه في ذلك ويضاف إلى الترجيح أو التوفيق بما هو متجه كما سبق بيانه.

وبالجملة فقد خولف ابن حبان فيما نحا إليه من دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في حجة الوداع، كما ذكر سفيان بن عيينة، وفي كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة لما دخلها في حجة الوداع، كما ذكر البيهقي، والله أعلم بالصواب.

وأما الوجه الذي ذكره السهيلي١ في الجمع بن اختلاف حديث بلال وابن عباس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة ففيه نظر من أوجه.

الأول: أن كلامه يقتضي حمل حديث بلال رضي الله عنه في إثبات الصلاة على زمن، وحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما في نفيها على زمن غيره، وفي ذلك من النظر مثل النظر الذي فيما ذكره ابن حبان، وهو حمل حديث من أثبت الصلاة على زمن، وحديث من نفاها على زمن، لاتحاد الزمان الذي وقع فيه ذلك.

والوجه الثاني: أن كلام السهيلي يقتضي أن إثبات الصلاة ونفيها في زمنين في حجة الوداع، ووجه النظر في ذلك أنه لا ريب في أن إثبات بلال رضي الله عنه لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة كان يوم الفتح كما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما وابن عباس رضي الله عنهما إن كان المراد به الفصل فنفيه للصلاة محمول على الزمن الذي ثبت فيه دخوله، وهو زمن الفتح.

وإن كان المراد به عبد الله بن عباس رضي الله عنهم: فلم يثبت له دخول في الفتح ولا في حجة الوداع فيكون نفيه لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة مستندا إلى قول أخيه الفضل، وأسامة رضي الله عنهما؛ فإنه روى عنهما ذلك، وقد سبق أن نفيهما على الزمن الذي ثبت فيه دخولهما إلى الكعبة، وهو زمن الفتح، فيكون كذلك نفي عبد الله بن العباس رضي الله عنهما وإذا تقرر ذلك لم يستقم ما ذكره السهيلي من أن إثبات بلال رضي الله عنه للصلاة في الكعبة، ونفي ابن عباس رضي لله عنهما لها في حجة الوداع، وأنى يستقيم ما ذكره وهو يقتضي إثبات دخولين للنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع إلى الكعبة، وفي إثبات دخوله إليها مرة واحدة في حجة الوداع نظر سبق بيانه فكيف بدخوله فيها مرتين وليس في الحديث الذي أشار إليه السهيلي في الجمع لما ذكر ما يقتضي أن ذلك في الزمن الذي ذكر ويظهر ذلك بلفظ الحديث، ولفظه في كتاب الدارقطني: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا وهب بن منبه، عن خالد، عن ابن أبي ليلى، عن عكرمة بن خالد، عن يحيى بن جعدة، عن عبد الله بن


١ الروض الأنف ٤/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>