للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم- من دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في يوم فتح مكة وصلاته بها في هذا اليوم على ما أخبر به بلال رضي لله عنه كما هو مقتضى الحديث السابق، وهو في صحيح مسلم".

وروينا مثل ذلك من حديث أيوب السختياني عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما في مسند الحميدي"١ وعن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب في "سنن البيهقي"

وإذا كان كذلك فالحديث الذي أخرجه الدارقطني منكر، لمخالفته ما رواه الأئمة الثقات عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

أما الضعف الذي في إسناد الحديث الذي أخرجه الدارقطني فلأجل محمد بن أبي ليلى٢ بسبب سوء حفظه، واضطراب حديثه، وكثرة أخطائه فيه، وإن كان صدوقا، قال عنه شعبة: ما رأيت أحدأ أسوأ حفظا من ابن أبي ليلى.

وقال أحمد بن حنبل: كان سيئ الحفظ، مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم٣ كان سيئ الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، ولا يتهم بشيء من الكذب، وإنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان٤: كان رديء الحفظ فاحش الخطأ، فكثر الوهم. وقال أبو أحمد الحاكم: غالب أحاديثه مقلوبة ... انتهى.

ومن كان في الحفظ بهذه الصفة فالحجة به غير ناهضة، فيما يرويه من الحديث، فكيف إذا عارض ما يرويه حديثا صحيحا كما في هذه المسألة، وحينئذ إنما يحتج بالحديث الصحيح، لأن له مزية توجب الترجيح، على أني لم أر ما يدل لرواية ابن أبي ليلى عن عكرمة بن خالد، ولا لرواية عكرمة عن يحيى بن جعدة، ولا لرواية يحيى عن ابن عمر رضي الله عنهما، والله أعلم بصحة ذلك.

ومن أوجه النظر فيما ذكره السهيلي من الجمع، ما أشار إليه من حمله حديث ابن عباس رضي الله عنهما في النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة، على أنه نفى ذلك في يوم النحر من حجة الوداع، لكونه لم يرد عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يشعر بدخول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، بل ورد عن ابن عباس ما يقتضي خلاف ذلك على ما رويناه في "معجم الطبراني" ولفظ الحديث الوارد عنه في ذلك: حدثنا محمد بن حاجهان.


١ مسند الحميدي١/ ٨٢ رقم ١٤٩.
٢ هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ولي القضاء لبني أمية ثم لبني العباس مات سنة ١٤٨هـ.
٣ الجرح والتعديل ٧/ ٣٢٢.
٤ كتاب المجروحين ٢/ ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>