للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره العفيف بن مزروع، ونقل ذلك عن طوائف من العرب عارفين بتلك المواضع، وأنكر بعضهم أن يكون ثور بالمدينة١ والله أعلم.

ومن الجبال المباركة بحرم مكة: جبل ثبير، لأنا روينا في "تارخ الأزرقي" قال: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن معاوية بن عبد الله الأزدي، عن معاوية بن قرة، عن الخلد بن أيوب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما تجلى الله عز وجل للجبل تشظي، فطارت لطلعته ستة أجبل، فوقعت بمكة ثلاثة وبالمدينة ثلاثة، فوقع بمكة: حراء، وثبير، وثور، ووقع بالمدينة أحد، وورقان، ورضوى" ٢.

وقال أبو عبد الله محمد بن محمد القزويني في كتابه "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات": جبل ثبير بمكة بقرب منى، هو جبل مبارك يقصده الزوار، وهو الذي أهبط الله تعالى عليه الكبش الذي جعله فداء لإسماعيل عليه السلام، والعرب تقول: أشرق ثبير كيما نُغِير٣ ... انتهى.

قوله: "بمكة" سبق إليه الجوهري، وهو يجوز، لكونه بقرب مكة، وقوله بقرب منى ينبئني على قول من قال: إنه جبل بالمزدلفة، وهو قول مرجوح، ويؤيده ما ذكره من أنه أُهبط عليه الكبش الذي فُدِيَ به إسماعيل، ولم يختلفوا في أن هذا الجبل بمنى، وهو على يسار الذاهب إلى عرفة ... انتهى، والله أعلم.

وقال شيخنا قاضي القضاة مجد الدين الشيرازي في كتابه "الوصل والمنى في فضل منى" إن أبا بكر النقاش المفسر قال في "منسكه" إن الدعاء يستجاب في ثبير يعني ثبير الأثبرة الذي يلحقه مغارة الفتح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يتعبد فيه قبل النبوة وأيام ظهور الدعوة، ولهذا جاورت به عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وذكر أن بقرب المغارة التي أنشأها يلحق ثبير معتكف عائشة رضي الله عنها ... انتهى بالمعنى.

ويعرف هذا الموضع بصخرة عائشة، والله أعلم بحقيقة ذلك.

ومنها: الجبل الذي يلحق مسجد الخيف، لأن فيه غارا يقال له غار المرسلات، لأن فيه أثر رأس النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقال، ذكر ذلك ابن جبير، لأنه قال بعد ذكر مسجد الخيف: وبقربه منه على يمين المار في الطريق حجر كبير مسند إلى سفح الجبل مرتفع على الأرض يظلّ ما تحته، ذُكِرَ أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد تحته مستظلا، ومس رأسه المكرم فيه، فلان الحجرُ حتى أثر فيه تأثيرا بقدر دورة الرأس، فتبادر الناس بوضع رءوسهم في هذا


١ معجم ما استعجم ١/ ٣٥٠.
٢ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٢٨٠، ٢٨١.
٣ عجائب المخلوقات "ص: ١٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>