للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضع تربكا واستجارة لها بموضع مسّ الرأس الكريم ألا يمسه النار برحمته عز وجل١ ... انتهى.

وذكره ابن خليل، لأنه قال: ويستحب أن يزور مسجد المرسلات، وفيه نزلت سورة المرسلات، وهو يماني مسجد الخيف.

وذكر المحب الطبري نحو ذلك، لأنه قال في كتابه "القرى" في الباب الثلاثين: ما جاء في الغار الذي أنزلت فيه سورة "والمرسلات"، عن عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذا نزلت عليه والمرسلات عرفا، وإنه ليتلوها، وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها، إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اقتلوها" فابتدرناها فذهبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وقيت شركم كما وقيتم شرها"، أخرجه البخاري٢ في باب ما يقتل المحرم من الدواب، وهذا الغار مشهور بمنى خلف مسجد الخيف نحو الجبل مما يلي اليمن، كذلك يأثره الخلف عن السلف، والله أعلم٣ ... انتهى.

وبلغني عن شيخنا القاضي مجد الدين الشيرازي ما معناه أنه قرأ في هذه الغار سورة "المرسلات" في جماعة من أصحابه، فخرجت عليهم منه حية، فابتدروها ليقتلوها فهربت، وهذا من غريب الاتفاق لموافقة القصة التي اتفقت للنبي صلى الله عليه وسلم كما في "صحيح البخاري" وغيره من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

ورأيت في نسختي من مسند ابن مسعود رضي الله عنه ومن مسند ابن حنبل ما يقتضي أن هذه القصة اتفقت للنبي صلى الله عليه وسلم بحراء، لأنه قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا} ليلة الحية، فقلنا: وما ليلة الحية يا أبا عبد الرحمن؟ قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه بحراء ليلا، خرجت علينا حية من الجبل، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها، فطلبناها فأعجزتنا، فقال: "دعوها فقد وقاها الله شركم كما وقيتم شرها" ٤ ... انتهى. فإن لم يكن قوله بحراء تصحيفا فهو يخالف ما قيل إن الغار المعروف بغار المرسلات بمنى، والله أعلم.


١ رحلة ابن جبير "ص: ١٣٨".
٢ البخاري ٤/ ٢٩ في الحج باب ما يقتل من الدواب.
٣ القرى "ص: ٥٣٩، ٥٤٠".
٤ أخرجه أحمد في المسند ١/ ٤٥٨، وفيه: "دعوها عنكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>