للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر المحب وابن خليل: أنه سمي محسرا لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي أعيا. قلت: وفي ذلك نظر، لأن ابن الأثير ذكر في "نهاية الغريب" أن هذا الفيل لم يدخل الحرم، ذكر ذلك في مادة حبس، عند قوله: حبسها حابس الفيل١.

وذكر الأزرقي أن وادي محسر خمسمائة ذراع وخمسة وأربعون ذراعا٢ ... انتهى.

واتفق الأئمة الأربعة على استحباب الإسراع فيه قدر رمية حجر للراكب والماشي. وحكى الرافعي وجها ضعيفا أن الماشي لا يستحب له الإسراع، والأصل في استحباب الإسراع في هذا المكان فعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فيه، وجاء في بعض الأحاديث ما يقتضي خلاف ذلك، لكن الأحاديث في الإسراع أكثر وأصح، وقدمت على ما خالفها لأنها مثبتة، واختلف في تحريكه صلى الله عليه وسلم راحلته في هذا الموضع فقيل: يجوز أنه فعل ذلك لسعة الموضع، وقيل: إنه فعل ذلك لأجل أن مأوى الموضع للشياطين، فاستحب صلى الله عليه وسلم الإسراع فيه، ولعله المشار إليه بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أفاض من عرفة إلى المزدلفة:

إليك تعدو قلقا وضينها ... مخالفا دين النصارى دينها

ومحسر بميم مضمومة ثم حاء مفتوحة ثم سين مشددة مكسورة ثم راء مهملة هكذا ضبطه النووي وغيره.

التاسع عشر: المحصب٣ الذي يستحب للحاج النزول فيه بعد انصرافه من منى، وهو مسيل بين مكة ومنى، وهو أقرب إلى مكة بكثير، وقد صرح الأزرقي بحده من جهة مكة، ووقع في كلامه ما يوهم حده من جهة منى، ونص كلامه: وحد المحصب من الحجون مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى إلى حائط خرمان، مرتفع على بطن الوادي٤ ... انتهى.

والحجون المشار إليه في هذا الحد هو الجبل المتقدم ذكره، وقد تقدم لنا أنه أحد الجبلين اللذين بينهما الشعب الذي تسميه الناس: شعب العفاريت، بالمعلاة على يمين الذاهب إلى منى، ويعرف أحد الجبلين بجبل ابن عمر، لأن فيه ما يقال قبر عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو الذي على يمين الداخل إلى الشعب المشار إليه،


١ النهاية لابن الأثير باب الحاء مع الباء.
٢ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٨٩، ١٩٠.
٣ المحصب: بالضم ثم بالفتح وصاد مهملة مشددة، اسم المفعول من الحصباء، والحصب هو الرمي بالحصى، وهو مسيل ماء بين مكة ومنى.
٤ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>