للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدي قال: لما بنى المهدي المسجد الحرام، وزاد فيه الزيادة الأولى: اتسع أعلاه وأسفله وشقه الذي يلى دار الندوة والشامي، وضاق شقه اليماني الذي يلي الوادي والصفا، فكانت الكعبة في شق المسجد، وذلك أن الوادي كان داخلا لاصقا بالمسجد في بطن المسجد اليوم، قال: وكانت الدور وبيوت الناس من ورائه في موضع الوادي اليوم، إنما كان موضعه دور الناس وإنما كان ذلك من المسجد إلى الصفا في بطن الوادي، ثم يسلك في زقاق ضيق، حتى يخرج إلى الصفا من التفات البيوت فيما بين الوادي والصفا. وكان السعي في موضع المسجد الحرام اليوم، وكان باب دار محمد بن عباد بن جعفر عند جدار ركن المسجد الحرام اليوم، عند موضع المنارة الشارعة في بحر الوادي، فيها علم المسعى، وكان الوادي يمر دونها في موضع المسجد الحرام اليوم.

ثم قال الأزرقي بعد أن ذكر شيئا يتعلق بالزيادة، في هذا الجانب: فابتدءوا عمل ذلك في سنة سبع وستين ومائة، واشتروا الدور وهدموها، فهدموا أكثر دار ابن عباد بن جعفر العائذي، وجعلوا المسعى والوادي فيها١ ... انتهى.

والظاهر والله أعلم أن إجراء المسعى بموضع السعي اليوم، وإن كان تغير بعضه عن موضع المسعى قبله لتوالي الناس من العلماء وغيرهم على السعي بموضع المسعى اليوم، ولا خفاء في تواليهم على ذلك، كما لا خفاء في شهرة كتاب الأزرقي شرقا وغربا، وإحاطة العلماء المتأخرين بما فيه، سيما علماء الحرم، ولو سلم أن من تأخر عن الأزرقي لم يعلموا بما في كتابه، فهو معروف عند علماء الحرم وغيرهم ممن وقع ذلك التغيير في زمنهم لمشاهدتهم له، وما حفظ عن أحد منهم إنكار لذلك، ولا أنه سعى في غير المسعى اليوم، وحال من بعد هؤلاء العلماء كحالهم، إلا في عدم مشاهدتهم لتغيير ذلك، فيكون إجزاء السعي بمحل المسعى اليوم مجمعا عليه عند من وقع التغيير في زمنهم وعند من بعدهم. والله أعلم.

السادس والعشرون: نمرة، الموضع الذي يؤمر الحاج بنزوله إذا توجه من منى في يوم عرفة، وهو بطن عرنة، بالنون، على ما ذكره ابن خليل في منسكه.

وقال المحب الطبري في "القرى": ونمرة بفتح النون وكسر الميم وبراء مهملة، موضع بعرفة، وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمين الخارج من المأزمين، أي الموقف، وقد كانت عائشة تنزل بها، ثم تحولت إلى الأراك، قاله ابن المنذر٢.

وقال في "شرح التنبيه": ونمرة، بفتح النون وكسر الميم، موضع عند الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الوقوف، وتحت جبل


١ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٧٨- ٨٠.
٢ القرى "ص: ١٤٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>