للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتنظيف والإصلاح حتى وصل الماء لمكة المشرفة وحصل به النفع، وتضاعفت الأدعية من سكان الحرم لمولانا السلطان بسبب ذلك. وكان حصول هذا الخير بمكة في شعبان سنة إحدى وعشرين وثمانمائة١. وابتدأ العمل في جمادى الآخرة من السنة المذكورة.

ثم قل جريان الماء في العين المذكورة بعد قليل من جريانها الأول، ويسر الله دخول سيل فيها فجرت جريا أحسن من جريها الأول، وصرفت إلى بركتي المعلاة اللتين على يمين الداخل إلى مكة، فامتلأتا وحصل بهما للحجاج نفع كثير، ولم يبق فيهما بعد سفر الحاج ما فيه كثير نفع، وعلى الماء كثيرا، وشق ذلك على الناس، فوفق الله تعالى القائد علاء الدين بعمارة العين، وبعث إليها عمالا ومهندسا يعمرون فيها ما لم يعمروا في النوبة الأولى، وبعض ما عمر فيها لتخربه بالسيل، ووصل الماء إلى مكة بعد ذلك في آخر صفر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة٢، وكان جريه قليلا، فزادوا في العمارة حتى جرى الماء وعظم النفع به بحيث بيعت الراوية بنصف مسعودي، وبما يزيد، وبدرهم، وهذا أكثر مما بيعت به الراوية بعد عمارة العين في النوبة الثانية وبلغني أنها بيعت بجايز.

وقد وصل الماء أي ماء العين إلى البركة التي بأسفل مكة المعروفة ببركة الماجن خارج باب مكة المعروف بباب الماجن، بعد تنظيف الطريق إليها وزرعوا بماء العين أودانا بقرب بركة الماجن، فلله الحمد، وفاز القائد علاء الدين بدعاء جزيل. وكان جريانه القوي في العمارة الثانية في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة، فالله تعالى يثيبه ويحسن إليه ويجزيه خيرا بمحمد وآله أجمعين.

ومن العيون التي أجريت بمكة: عين أجراها الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة٣ في مجرى عين بازان، على ما ذكر البرزالي في "تاريخه" نقلا عن كتاب العفيف المطري إليه، لأنه ذكر في أخبار هذه السنة أنه ورد عليه كتاب من العفيف المطري فيه أمور:

ومنها: أجريت عين أخرى كانت تعرف بعين جبل ثقبة مما يلي جبل حراء على مجرى العين الجوبانية، وأنفق عليها قدر يسير، قدر خمسة آلاف درهم، ووصلت إلى مكة، وخرجت من أسفلها، وكان ذلك على يد ابن هلال الدولة مشيد العمائر، وتاريخ كتاب العفيف سلخ ربيع الأول سنة ثمان وعشرين٤ ... انتهى.


١ إتحاف الورى ٣/ ٥٦٠.
٢ إتحاف الورى ٣/ ٥٦٦.
٣ إتحاف الورى ٣/ ١٨٧، والسلوك ٢/ ١: ٣٠٣، درر الفرائد "ص: ٣٠٢".
٤ إتحاف الورى ٣/ ١٨٧، درر الفرائد ٣٠٢، السلوك ٢/ ١: ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>