للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: عين أجراها الأمير المعروف بآل ملك نائب السلطنة في مصر في سنة خمس وأربعين وسبعمائة، من منى إلى بركة السلم بطريق مني١.

ونختم هذه الترجمة بحكاية عجيبة تتعلق بعين مكة، وهذه الحكاية ألفيتها مذكورة في الكتاب المسمى "آكام المرجان في أحكام الجان"٢، ونصها فيه: ونقلت من خط الشيخ العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي رحمه الله وحدثني به أيضا، قال: وقعت هذه الواقعة بعينها في مكة سنة أجرى العين بها. فأخبرني إمام الحنابلة بمكة وهو الذي كان أجراها على يده، وتولى مباشرتها بنفسه نجم الدين خليفة بن محمود الكيلاني قال: لما وصلنا في الحفر إلى موضع ذكره خرج أحد الحفارين من تحت الحفر مصروعا لا يتكلم، فمكث كذلك طويلا، فسمعناه يقول: يا مسلمون، لا يحل لكم أن تظلمونا. قلت له أنا: وبأي شيء ظلمناكم؟ قال: نحن سكان هذه الأرض، ولا والله ما فيهم مسلم غيري وقد تركتهم ورائي مسلسلين وإلا كنتم لقيتم منها شرا، وقد أرسلوني إليكم يقولون لا ندعكم تمرون، فهذا الماء في أرضنا حتى تبذلوا لنا حقنا، قلت: وما حقكم؟ قال: تأخذون ثورا فتزينوه بأعظم زنية، تلبسونه وتزفونه من داخل مكة حتى تنتهوا به إلى هنا، فاذبحوه ثم اطرحوا لنا دمه وأطرافه ورأسه في بئر عبد الصمد وشأنكم بباقيه، وإلا فلا ندع الماء يجري في هذه الأرض أبدا، قلت: نعم أفعل ذلك، قال: وإذا بالرجل قد أفاق فمسح وجهه وعينيه ويقول: لا إله إلا الله. أين أنا؟! قال: وقام الرجل ليس به قلبه، فذهبت إلى بيتي، فلما أصبحت ونزلت أريد المسجد إذا برجل على الباب لا أعرفه، فقال لي: الحاج خليفة ههنا؟ فقلت: وما تريد به؟ قال: حاجة أقولها له، قلت له: قل لي الحاجة وأنا أبلغها إياها فإنه مشغول، قال لي: قل له إني رأيت البارحة في النوم ثورا عظيما قد زينوه بأنواع الحلي واللباس، وجاءوا يزفونه حتى مروا به على دار الخليفة فوقفوه إلى أن أخرج وراءه. وقال: نعم. هو هذا، ثم أقبل به يسوقه والناس خلفه يزفونه حتى خرج به من مكة، فذبحوه وألقوا راسه وأطرافه في بئر. قال: فعجبت من منامه وحكيت الواقعة والمنام لأهل مكة وكبرائهم، فاشتروا ثورا وزينوه وألبسوه، وخرجنا به نزفه حتى انتهينا إلى موضع الحفر، فذبحناه وألقينا رأسه وأطرافه ودمه في البئر التي سماها، قال: ولما كنا قد وصلنا إلى ذلك الموضع كان الماء يفور ولا ندري أين يذهب أصلا، ولا نرى له عينا ولا أثرا،


١ اتحاف الورى ٣/ ٢٢٨، العقد الثمين ٣/ ٣٣١.
٢ الكتاب مطبوع وهو من تأليف قاضي طرابلس الشام بدر الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الشبلي الحنفي "٧٥٥- ٧٦٩هـ". ترجمته في: الدرر الكامنة ٤/ ١٠٧. الوافي بالوفيات ٣/ ٣٧٨. تاج التراجم "ص: ٦٣". المنهل الصافي ٥/ ٥٦، النجوم الزاهرة ١١/ ١٠٠، كشف الظنون ١/ ١٤١، ٢/ ١٦٠٩، هدية العارفين ٢/ ١٦٤، الأعلام ٧/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>