للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبيات الآتي ذكرها إن شاء الله تعالى، ثم قال: ناولني القارورة الأخرى، فناولته فشربها، فصاح صيحة فمات، فخرجت بما معي من المال ... انتهى. هذا الخبر على ما هو مذكور في الكتاب المذكور، إلا أني تركت منه شيئا لا تعلق له بخروجهم، وإنما له تعلق بحال إياد بن نزار، وسوى لفيظات في الخبر مصحفة في النسخة التي نقلت منها هذا الخبر، فكتبتها على الصواب إلا ما لم يتجه لي فيه وجه الصواب، فكتبته على ما وجدته في النسخة التي نقلت منها هذا الخبر: تسمية أخي الحارث بن مضاض بعمر بغير واو، ولا أدري هل ذلك صواب؟ والصواب: عمرو بالواو.

وقال الأندلسي بعد ذكره لهذا الخبر: فانظر إلى ما اشتملت عليه هذه الحكاية من مخالفات ما نقله صاحب السيرة من أن هذا الشعر لعمرو بن الحارث بن مضاض، وهو ههنا لوالده، قال: ويمكن الجمع بأن يكون ولده تمثل بها لما فاروا مكة، ثم نبه رحمه الله على أن ما في هذا الخبر من نسب الحارث بن مضاض مخالف لما ذكره السهيلي في نسبه، وقد سبق ما ذكره السهيلي في نسب جرهم، فأغنى عن إعادته.

ومن موجبات ذكر فتح الأندلسي لهذا الخبر الاستدلال به على خلاف ما ذكره السهيلي فيما اعترض به على ابن إسحاق فيما ذكره في سبب تسمية أجياد، ويذكر كلاما ثم يتبعه بتعقب فتح له، لما في ذلك من الفائدة.

قال السهيلي رحمه الله: وأما أجياد فلم يسم بأجياد من أجل جيل الخيل، كما ذكر -يعني ابن إسحاق- لأن جياد الخيل لا يقال فيها: أجياد، وإنما أجياد جمع جيد، وذكر أصحاب الخبر أن مضاضا ضرب في ذلك الموضع من أجياد مائة رجل من العمالقة، فسمي الموضع بأجياد، وهكذا ذكر ابن هشام في غير هذا الكتاب١ ... انتهى.

وأما تعقب فتح بذلك فلأنه قال: قلت: وما ذكره السهيلي لا يلزم ابن إسحاق، لأن تسمية الشيء لأجل لا يلزم أن يصدق على لفظه بحاله، بل يصدق عليه، كما ذكروه في المطابخ وفاضح، وقد لا يصدق كما ذكره في قعيقعان، فيكون كحكم الجياد مع أجياد، وكحكم القعقعة مع قعيقعان، ويحتمل أن يكون مراده لأجل أجياد الجياد، لأن أعناق الخيل أول ما ظهرت هناك، فيكون على حذف المضاف لقربه من الصفة، على أن لا يسلم له أنه لا يجمع جيد على جيد، فإن المنقول عن سيبويه رحمه الله أن جيدا فعل بضم الفاء وسكون العين كريح، وقد جمعوا الريح على رياح، فكذلك الجيد على هذا التقدير يجمع على جياد، ويؤيد هذا أن سيبويه رحمه الله ذكر أن باب فعل يجمع في التكسير على فعول وفعال، وإن كان جمع فعول فيه أكثر من فعال.


١ الروض الأنف ١/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>