للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنا كما كنتم فغيرنا دهر ... فسوف كما صرنا تصيرونا

أرخوا المطي وأرخوا من أزمتها ... قبل الممات وقضوا ما يقضونا

إن التفكر لا يجدي بصاحبه ... عند البديهة في علم تعيدونا

قضوا أموركم بالحزم إن لها ... أمور رشيد وشدوا ثم مسنونا

واستخبروا في صنيع الناس قبلكم ... لما استبان طريف عنده الهونا

كنا زمانا ملوك الناس قبلكم ... بمسكن في جوار الله تأتونا

قال: وانطلق مضاض بن عمرو نحو اليمن إلى أهله وهم يتذاكرون ما حال بينهم وبين مكة وما فارقوا من أهلها وملكها، فحزنوا على ذلك حزنا شديدا وجعلوا يقولون الأشعار في مكة١ ... انتهى باختصار، لمواضع من هذا الخبر لها تعلق بخبر خزاعة نذكرها فيما بعد وغير ذلك، وفيما ذكرنا من كلمات ذكرناها بالمعنى.

والقول الثالث في سبب خروج جرهم من مكة ذكره الفاكهي، لأنه قال: ويقال في رواية أبي عمرو الشيباني: إن حجابة البيت صارت إلى خزاعة لأن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن تزوج فهيرة بنت الحارث بن مضاض الجرهمي، فولدت له عمرو بن ربيعة، فلما شب وساد وشرف طلب حجابة البيت، فعند ذلك نشب القتال بينهم وبين جرهم، ثم قال بعد أن ذكر شيئا من خبر عمرو وأولاده: وكانت بينهم حرب طويلة وقتال شديد، ثم إن خزاعة غلبوا جرهما على البيت، وخرجت جرهم حتى نزلت وادي إضم٢ فهلكوا فيه.

وفي هذا الخبر شيء من خبر جرهم، لأن فيه: وذكروا -والله أعلم- أن إسافا كان رجلا من بني قطورا أخذ امرأة من جرهم يقال لها نائلة، ففجر بها في الكعبة، فمسخهما الله حجرين، فغضب عمرو من ذلك فأخرج بني مضاض وكانوا أخواله، وكانوا أخرجوهم خروجا من مكة فلحقوا باليمن، فتفرقوا في القبائل، فقال بكر بن غالب بن الحارث بن مضاض:

وأخرجنا عمرو سواها لبلدة ... بها الذئب يعوي والعدو المحاصر

وقال أيضا:

وكنا ولاة البيت والقاطن الذي ... إليه يوفي نذره كل محرم


١ قارن بأخبار مكة للأزرقي ١/ ٩٠- ١٠٠ ففيه اختلاف في الألفاظ.
٢ بالكسر ثم الفتح، ذو إضم: ماء يطؤه الطريق بين مكة واليمامة عند السمينة. وقيل: وادٍ بجبال تهامة. وقيل: وادٍ يشق الحجاز حتى يفرغ في البحر. "معجم البلدان ١/ ٢١٤، ٢١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>