للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكنا بها قبل الظباء وراثة لنا ... عن بني حي بن نبت بن جرهم

فأزعجنا منه وكنا عقيلة ... قبائل من كعب وعوف وأسلم١

والقول الرابع في خروجهم جرهم من مكة، ذكره المسعودي، لأنه قال في أثناء الخبر السابق في خبر جرهم وقطورا: وبغت جرهم في الحرم وطغت، حتى فسق رجل منهم بإمرأة في البيت، وكان الرجل يدعى بإساف والمرأة بنائلة، فمسخهما الله حجرين فصيرا وثنين، وعبدا تقربا بهما إلى الله، فبعث الله عز وجل الرعاف والنحل وغير ذلك من الآيات على جرهم، فهلك كثير منهم وكثر ولد إسماعيل وصاروا ذوي قوة ومنعة، فغلبوا على أخوالهم من جرهم فأخرجوهم عن مكة، فلحقوا ببلاد جهينة، فأتاهم في بعض الليالي السيل فذهب بهم مكان الموضع الذي يدعى بإضم، وقد ذكر ذلك أمية بن أبي الصلت الثقفي في شعر له فقال:

وجرهم دمثوا تهامة في الدهر ... فسالت بجمعهم إضم

وفي ذلك يقول الحارث بن مضاض الأصغر الجرهمي:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بل نحن كنا أهلها فإذا لنا ... صروف الليالي والجدود العواثر

وكنا لإسماعيل صهرا وجيرة ... ولما تدر فيها علينا الدوائر

وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بذاك البيت والخبر ظاهر

وفي ذلك يقول عمرو بن الحارث ابنه:

وكنا ولاة البيت والقاطن الذي ... إليه يوفي نذره كل محرم

سكنا بها قبل الظباء وراثة ... ورثنا بني حي بن نبت بن جرهم٢

... انتهى.

وذكر الزبير بن بكار ما يقتضي أن المجر لجرهم من مكة بعد فناء أكثرهم بالرعاف والنمل: بنو حارثة بن عامر، لأنه قال: قال أبو عبيدة: فلما لم تتناه جرهم عن بغيهم، وتفرق أولاد عمرو بن عامر في اليمن، فانخزع بنو حارثة بن عمرو بن عامر فأوطنوا تهامة وسميت خزاعة، ثم قال: بعث الله عز وجل على جرهم الرعاف والنمل فأفناهم، فاجتمعت خزاعة ليجلوا من بقي، ورأس خزاعة عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وأمه فقيرة بنت عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي، وليس بابن مضاض الأكبر، فاقتتلوا، فلما أحس عمرو بن الحارث بن مضاض بالهزيمة


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٤٠.
٢ مروج الذهب ٢/ ٥٠، ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>