للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج بغزالي١ الكعبة، وحجر الركن يلتمس التوبة وهو يقول:

لاهُمَّ إن جرهما عبادك ... الناس طرف وهم تلادك٢

وهم قديما عمروا بلادك

فلم تقبل توبته، وألقى غزالي الكعبة وحجر الركن في زمزم، ثم دفنها، وخرج من بقي من جرهم إلى إضم من أرض جهينة، فجاءهم سيل، أي سيل، فذهب بهم، فقال أمية بن أبي الصلت٣:

جرهم دمثوا تهامة في الدهـ ... ـر فسالت بجمعهم إضم

... انتهى.

هذا الخبر ذكره المسعودي٤ في كون المخرج لهم عمرو، وفناء أكثرهم بالرعاف والنمل.

والقول الخامس في سبب خروج جرهم من مكة ذكره الفاكهي أيضا، لأنه قال في خبر ولاة إياد بن نزار الكعبة: وحدثني حسن بن حسين قال: حدثنا محمد بن حبيب قال: ذكر ابن الكلبي أن الله تعالى سلط على الذي يلون البيت من جرهم دواب شبيهة بالنغف، فهلك منهم ثمانون كهلا في ليلة واحدة سوى الشباب، حتى جلوا عن مكة إلى إضم٥ ... انتهى.

وقد بان بما ذكرناه من هذه الأخبار الاختلاف فيمن أخرج جرهما من مكة، وكيفية خروجهم، وفي قائل الأبيات الرائية التي أولها:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

هل هو عمرو بن الحارث بن مضاض الأصغر، كما هو مقتضى ما ذكره ابن إسحاق، أو هو مضاض بن عمرو بن الحارث بن مضاض بن عمرو، كما هو مقتضى الخبر الذي رواه الأزرقي عن الكلبي عن أبي صالح، أو الحارث بن مضاض بن عمر، كما هو مقتضى ما ذكره المسعودي.


١ هما غزالان من ذهب كانا في جوف الكعبة، وقد وجدهما بعد ذلك عبد المطلب حينما حفر زمزم،
٢ قارن بالروض الأنف ١/ ١٣٩.
٣ شاعر جاهلي مشهور أدرك البعثة ومات سنة ٩هـ، وكان يدعي أنه سيكون النبي المنتظر. ترجمته في: الأغاني ٤/ ١٢٠- ١٣٣ الشعر والشعراء ١/ ٣٦٩- ٣٧٢، سمط اللآلئ ٣٦٢، الحيوان للدميري ٢/ ١٥٤، خزانة الأدب للبغدادي ١٥/ ١١٨، طبقات ابن سلام ٢٢٠- ٢٢٤، الوافي بالوفيات ٤/ ٣٩٥- ٤٠٠.
٤ مروج الذهب ٢/ ٥١.
٥ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>