للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلم يزل أبو سيارة يجيز بالناس حتى أتاهم قصي بن كلاب١ ... انتهى.

قوله في هذا الخبر: "فإذا أجاز الناس في الأبطخ اجتمعت كندة إلى بكر بن وائل؛ فأجازوا بهم حتى يبلغوا البيت" فهذه الإجازة لم أرها مذكورة في غير هذا الخبر، وكذلك ما فيه من أن أنسا العدواني، كان يقول مع أبي سيارة: أشرق ثبير كيما نغير، وكذلك قصة أبي سيارة مع حمير، وغير ذلك من الأمور التي لم أرها في غيره من الأمور التي لا يبعد أن تكون وقعت.

وأما قوله فيه: "فلم يزل أبو سيارة يجيز بالناس حتى أتاهم قضي"؛ ففي صحته نظر؛ لأن أبا سيارة قام الإسلام وهو يجيز بالناس من المزدلفة، على ما ذكر ابن إسحاق وغيره من أهل الأخبار: وبين قيام الإسلام وعهد قصي دهر طويل.

وقد ذكر الفاكهي -أيضا- خبرا يخالف ذلك؛ لأنه قال: حدثنا الحسن بن عثمان، عن الواقدي، قال: وحدثني عمران بن أبي أنس، عن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، عن حويطب بن عبد العزي قال: رأيت أبا سيارة يدفع بالناس من جمع على أتان له عقوق١ ... انتهى.

وجمع هي المزدلفة، ووجه مخالفة ذلك لما سبق: أن حويطب بن عبد العزي من مسلمة الفتح، ويبلغ عمره مائة وعشرين سنة؛ ستون في الإسلام، وستون في الجاهلية، ورؤيته له كانت قبل إسلامه؛ وذلك يقتضي تأخر أبي سيارة إلى قرب الإسلام.

وقد ذكر السهيلي فيما يتعلق بأبي سيارة ما لم أره لغيره؛ لأنه قال بعد أن ذكر ما ذكره ابن إسحاق في اسم أبي سيارة، وقال غيره: اسمه العاصي، قاله الخطابي، واسم الأعزل: خالد، ذكره الأصبهاني، قال: فكانت له أتان عوراء، خطامها ليف. ثم قال وهو أول من جعل الدية مائة من الإبل، فيما ذكر أبو اليقظان، حكاه عنه حمزة بن الحسن الأصبهاني، قال: وهو الذي يقول:

لاهم إني تابع تباعة٢

وفيما ذكره السهيلي من أن أبا سيارة هو القائل:

لاهم إني تابع تباعه

نظر لمخالفته ما ذكره ابن إسحاق؛ فإنه ذكر أن قائل ذلك هو الغوث بن مر، وقد سبق ذلك.


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢٠٢.
٢ الروض الأنف ١/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>