للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به إلى البيت؛ فغسلت به أركانه، ثم أتوا به فشربوه، فحدث هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت إنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان، من حلف الفضول ما لو دعيت إليه اليوم لأحببت، وما أحب أن لي به حمر النعم". قال الزبير: حدثني عبد العزيز بن عمرو العنبسي أن الذي اشترى من الزبيدي المتاع: العاص بن وائل السهمي، وقال: حلف الفضول بنو هاشم وبنو المطلب، وبنو أسد بن عبد العزى، وبنو زهرة، وبنو تيم، تحالفوا بينهم بالله، لا يظلم أحد بمكة إلا كنا جميعا مع المظلوم على الظالم، حتى نأخذ له مظلمته ممن ظلمه، شريفا أو وضيعا، منا أو غيرنا. ثم انطلقوا إلى العاص بن وائل؛ فقالوا: والله لا نفارقك حتى تؤدي إليه حقه، فأعطى الرجل حقه، فمكثوا كذلك لا يظلمن أحد حقه بمكة إلإ أخذوه له؛ فكان عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يقول: لو أن رجلا وحده خرج من قومه لخرجت من عبد شمس حتى أدخل في حلف الفضول، وليست عبد شمس في حلف الفضول١.

وحدثني محمد بن حسن بن محمد بن طلحة عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن فضالة، عن هشام بن عروة، وعن إبراهيم بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهادي قال إن بني هاشم وبني المطلب، وبني أسد بن عبد العزي، وبني تيم بن مرة، تحالفوا على أن لا يدعوا بمكة كلها ولا في الأحابيش مظلوما يدعوهم إلى نصرته إلا أنجدوه حتى يردوا إليه مظلمته، أو يبلغوا في ذلك عذرا، وعلى أن لا يتركوا لأحد فضلا إلا فخذوه، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذلك سمي حلف الفضول: بالله على الظالم حتى نأخذ للمظلوم حقه ما بل بحر صوفة، وما رسا حراء وثبير في مكانهما، وعلى الناس في المعاش.

وذكر الزبير ما يوهم أن سبب حلف الفضول بغير ما سبق؛ لأنه قال: وقال بعض العلماء إن قيسا السلمي باع متاعا من أبي بن حلف، فلواه وذهب بحقه، فاستجار برجل من بني جمح، فلم يقم بجواره؛ فقال قيس:

يال قصي كيف هذا في الحرم ... وحرمة البيت وأخلاق الكرم

أظلم لا يمنع مني من ظلم٢

وبلغ الخبر عباس بن مرداس فقال:

إن كان جارك لم تنفعك ذمته ... وقد شربت بكأس الذل أنفاسا

فأت البيوت وكن من أهلها صددا ... ولا تبد باديهم فحشا ولا باسا


١ الاكتفاء ١/ ٩١، إتحاف الورى ١/ ١٢١.
٢ الروض الأنف ١/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>