للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثم كن بفناء البيت معتصما ... تلقي ابن حرب وتلقي المرء عباسا

ساقي الحجيج وهذا ياسر فلح ... والمجد يورث أسداسا وأخماسا

وقام العباس وأبو سفيان حتى ردا عليه متاعه. واجتمعت بطون قريش فتحالفوا على رد الظلم بمكة، وأن لا يظلم أحد إلا منعوه وأخذوا له بحقه، وكان حلفهم في دار ابن جدعان؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهدت حلفا في دار ابن جدعان ١، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به لأحببت" فقال قوم من قريش: هذا والله أفضل من الحلف؛ فسمي: حلف الفضول.

قال: وقال الآخرون: تحالفوا على مثال حلف تحالف عليه قوم من جرهم في هذا الأمر؛ ألا يقروا ظلما ببطن مكة إلا غيروه، وأسماهم: الفضل بن شراعة، والفضل بن وداعة، والفضي بن قضاعة. والله أعلم أي ذلك كان؟

وذكر الزبير خبرا يقتضي أن البائع من أبي بن خلف رجل من ثمالة؛ لأنه قال: حدثني علي بن صالح، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه، فذكر قصته، ثم قال: فبلغ ذلك معاوية، وعنده جبير بن مطعم، فقال له معاوية: يا أبا محمد كنا في حلف الفضول؟ قاله جبير بن مطعم: لا، وقد مر رجل من ثمالة؛ فباع سلعة له من أبي بن خلف ووهب بن حذافة بن جمح، فظلمه، وكان سيء المخالطة؛ فأتى الثمالى أهل حلف الفضول فأخبرهم؛ فقالوا: اذهب فأخبره بأنك قد آتيتنا، فإن أعطاك حقك وإلا فارجع إلينا. فأتاه فأخبره ما قال له أهل حلف الفضول، وقال له: فما تقول؟ فأخرج إليه حقه، فأعطاه إياه، فقال:

أتعجزني ببطن مكة ظالما ... وإني ولا قومي لدي ولا صحبي

وناديت قومي بارقا لتجيبني ... وكم دون قومي من فياف ومن شهب؟

ويأبى لكم حلف الفضول ظلامتي ... بني جمحخ والحق يؤخذ بالغصب

وذكر الزبير حبرا يوهم أن سبب حلف الفضول غير ما سبق؛ لأنه قال: حدثني غير واحد من قريش، منهم عبد العزيز بن عمر العنبسي، عن معن بن عبد الله بن عنبسة قال: إن رجلا من خثعم قدم مكة تاجرا٢، ومعه ابنه له يقال له يقال لها القتول، أوضأ نساء العالمين: فعلقهما نبيه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم، فلم يبرح حتى


١ كان عبد الله بن جدعان من أشراف قريش وساداتها وأثريائها، وهو الذي مدحه أمية بن أبي الصلت في شعره وفيه يقول قصيدته المشهورة:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء
٢ في الروض الأنف ١/ ١٥٧: "معتمرا أو حاجا".

<<  <  ج: ص:  >  >>