للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفوا السلاح؛ حتى إذا كان الغد لقي رجل من خزاعة رجلا من بني بكر بالمزدلفة فقتله؛ فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا وظهره إلى الكعبة، فقال: "إن أعتى الناس على الله من عدا في الحرم، ومن قتل غير قاتله، ومن قتل بذحول الجاهلية" ١ ... انتهى باختصار.

ومنها: أن ابن سعد -أحد بني عامر بن لؤي- الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله يوم فتح مكة، هو ابن أبي سرح؛ وذلك لا يفهم من كلام ابن إسحاق، ووقع في بعض نسخ سيرته تمسيته بعبد الله، وذلك لا يفهم أيضا أنه ابن أبي سرح، وقد ذكره عقبة بأوضح مما ذكره ابن إسحاق؛ لأنه قال: وأمرهم بقتل أربعة نفر: عبد الله بن سعد بن أبي سرح ... انتهى.

ومنها: أن ابن إسحاق لم يذكر في سبب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن أبي سرح، سوى ارتداده إلى الشرك بعد الإسلام، وكتابته الوحي للنبي صلى الله عليهة وسلم بأمره صلى الله عليه وسلم قبل الفتح، وهاجر، وكانت يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد مشركا إلى قرى بمكة، فقال لهم: إني كنت أصرف محمدا حيث ارتد، كان يملي عزيز حكيم، فأقول: أو عليم حكيم، فيقول: نعم، كل صواب٢ ... انتهى.

ومنها: أن ابن إسحاق لم يبين أخوة الرضاع التي بين أبي سرح، وعثمان بن عفان، وبين ذلك أن عبد البر؛ لأنه قال تلو قوله كل صواب: فلما كان يوم الفتح، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله، وقتل عبد الله بن خطل، ومقيس بن ضباعة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة؛ ففر عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان -رضي الله عنه- وكان أخاه من الرضاعة، أرضعته أم عثمان رضي الله عنه٢ ... انتهى.

ومنها: أن كلام ابن إسحاق لا يفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم عن أحد من الحاضرين عنده، لما جاء ابن أبي سرح أنه يريد قتل ابن أبي سرح؛ لأنه قال: بعد أن ذكر مجيء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صبر طويلا، ثم قال نعم؛ فلما انصرف عثمان -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله من أصحابه: "لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه" ... انتهى.

وفي الخبر الذي سبق ذكره عن الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري ما يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم، فهم عن بعض الحاضرين عنده، لما جاء ابن أبي سرح أنه يريد قتل ابن أبي سرح؛ لأنه في الخبر المذكور، ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن أبي سرح إذا رآه. وكان أخا عثمان -رضي الله عنه- من الرضاعة، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشفع


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢١٩.
٢ السيرة لابن هشام ٤/ ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>