للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له؛ فلما بصر به الأنصاري اشتمل السيف على عاتقه وخرج في طبله، فوجده في حلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهاب قتله، فجعل يتردد، ويكره أن يقدم عليه؛ لأنه في حلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فبايعه، ثم قال للأنصاري: "قد انتظرتك أن توفي بنذرك"، قال: يا رسول الله هبتك، أفلا أومأت إلي، قال: "إنه ليس لنبي أن يومئ" ... انتهى.

وكان ابن أبي سرح فارس بني عامر بن لؤي معدودا فيهم، وهو أحد النجباء العقلاء الكرماء من قريش، وكان مجاب الدعوة، وله في ذلك خبر غريب؛ وذلك أن محمد بن حذيفة بن عقبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي نزع مصر من ولاية ابن أبي سرح هذا لما توجه أبن أبي سرح إلى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالمدينة، ومنعه ابن حذيفة من دخول مصر لما عاد من المدينة فمضى إلى عسقلان١، وقيل: إلى الرملة٢ ودعى ربه أن يجعل خاصة عمله صلاة الصبح، فتوضأ ثم صلى، قرأ في الركعة الأولى بأم القرآن، والعاديات، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثم سلم عن يمينه، وذهب ليسلم عن يساره، فقبض الله روحه -على ما ذكر يزيد بن أبي حبيب وغيره- فيما حكاه ابن عبد البر في "الاستيعاب"، ومنه لخصت ما ذكرت من حاله.

وذكر ابن عبد البر أنه لم يبايع لعلي ولا معاوية -رضي الله عنهما- وأنه توفي سنة ست أو سبع وثلاثين، وقيل: ست وثلاثين.

ومنها: أن ابن إسحاق سمي ابن خطل الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله عبد الله؛ لأنه قال: وعبد الله بن خطل رجل من بني تيم بن غالب ... انتهى.

وقد اختلف في اسمه، فقيل: عبد الله، كما ذكر ابن إسحاق، وقيل اسمه: هلال ذكره الفاكهي في خبر يأتي ذكره، وذكره السهيلي؛ لأنه قال: وقد قيل في اسمه: هلال، قال: وقد قيل هلال كان أخاه، وكان يقال لهما: الخطلان، وهما من تيم بن غالب بن فهر٣ ... انتهى.

وقال ابن بشكوال في "المبهمات" لما تكلم على حديث قتل ابن خطل: اختلف في اسمه، فقيل عبد الله، وقيل: عبد العزى، وقيل: هلال، ذكر ذلك كله الدرقطني في "سننه".

وذكر ابن عقبة ما يقتضي أن اسمه: قيس؛ لأنه قال: وأمر بقتل قيس بن خطل يوم الفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم ... انتهى.


١ "عسقلان": مدينة على ساحل البحر بفلسطين.
٢ "الرملة": إحدى مدن فلسطين.
٣ السيرة لابن هشام ٤/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>