ومنها: أن كلام ابن ‘إسحاق يقتضي أن الرجل الذي قتله مقيس بن صبابة، وارتد بعد قتله، من الأنصار؛ لأنه قالك -لما ذكر الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم: ومقيس بن صبابة؛ وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، لقتله الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ، ورجوعه إلى قريش مشركا ... انتهى.
وذكر الحافظ عبد الغني بن سعيد، ما يخالف كلام ابن إسحاق هذا؛ لأنه قال في الخبر الذي سبق ذكره: وأما مقيس بن صبابة؛ فإنه كان له أخ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل خطأ؛ فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني فهر، ليأخذ له عقله من الفهري؛ فلما جمع له العقل رجل القهقري، فوثب مقيس وأخذ حجرا فجلد به رأسه، فقتله، ثم أقبل وهو يقول:
شقى النفس من قد بات خاضع ... مسندا يضرح بثوبين وماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله ... كذا تنسى وطاء المضاجع
حللت به نذري وأدركت بغيتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع
وفي حاشية كتاب الحافظ عبد الغني:
ثارت به فهر وحملت عقله ... سراة بني النجار إن مات فارع
... انتهى. وفيما ذكره الحافظ عبد الغني من خبر مقيس ما لا يفهم مما ذكره ابن إسحاق.
ومنها: أن الحافظ أبا الفتح ابن سيد الناس ذكر هبار بن الأسود فيمن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة هبارا هذا، وهو هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي. ولعل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، لما صنع بزينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث بها زوجها أبا العاص بن الربيع إلى المدينة؛ وذلك أن هبارا تعرض لها في سفهاء من قريش فأهوى هبار إليها، ونخس دابتها، فسقطت عن دابتها وألقت ما في بطنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن وجدتم هبارا، فأحرقوه بالنار، ثم اقتلوه"، ثم قال صلى الله عليه وسلم:"اقتلوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار" فلم يوجد، ثم أسلم هبار وحسن إسلامه، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر ابن سيد الناس في سبب قتل هبار ما ذكرناه بالمعنى؛ لأنه قال: وأما هبار بن الأسود فهو الذي عرض لزينب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر ما سبق بالمعنى١.
ومنها: أن الحافظ علاء الدين مغلطاي ذكر ما يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى من أمانه يوم الفتح جماعة غير الذي ذكرهم ابن إسحاق؛ لأنه قال فيما أخبرت به عنه: ونادى