للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صوته حين رأى إبطاء عثمان: يا عثمان اخرج، فقالت أمه: يا بني خذ المفتاح، فلأن تأخذه أنت أحب إلي من أن تأخذه تيم أو عدي، فأخذه عثمان، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناوله إياه؛ فلما ناوله إياه فتح الكعبة١ ... انتهى باختصار.

وذكر الواحدي في تفسيره "الوسيط" وكتابه "أسباب النزول" ما يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى عثمان بن طلحة، ليأخذ منه مفتاح الكعبة في يوم فتح مكة، ولكن كلام والواحدي يقتضي أن عثمان -رضي الله عنه- لم يكن حين أخذ ذلك منه مسلما، وهو يخالف ما ذكره العلماء بهذا الشأن، من أنه كان مسلما. وفي طلب بنفسه المفتاح من عثمان -رضي الله عنه-، والله أعلم.

ومنها: أن ما ذكره ابن إسحاق يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفتح الكعبة، يوم فتح مكة؛ وإنما فتحت له، لقوله: فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتحت له فدخلها٢. وفي حديث ابن عمر السابق من "صحيح مسلم" ما يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح الكعبة بنفسه في يوم الفتح لقوله فيه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فدفعه إليه ففتح الباب. وفي الخبر السابق من تاريخ الأزرقي عن الواقدي ما يوافق ذلك، لقوله فيه: فلما ناوله إياه فتح الكعبة. وبوب المحب الطبري في "القرى" على حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المشار إليه بقوله: "ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم فتح البيت بنفسه" ... انتهى؛ ولكن في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- السابق في "صحيح البخاري" ما يقتضي خلاف ذلك؛ لأن فيه قال لعثمان: "ائتنا بالمفتاح" فجاءه بالمفتاح، ففتح له، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... انتهى. وهذا يوافق ما ذكره ابن إسحاق، والله أعلم بالصواب.

ومنها: أن ابن إسحاق ذكر دخول النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وليس فيما ذكره ما يبين هل طال مكثه صلى الله عليه وسلم فيه أو قصر، ولا هل كان البيت مغلقا أو مفتوحا؟ ولا هل كان على الباب أحذ يذب الناس أم لا؟ فأما طول مكثه صلى الله عليه وسلم في البيت وإغلاق بابه في يوم الفتح ففي حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- السابق من "صحيح البخاري" ما يقتضي ذلك لقوله فيه: ثم أغلقوا عليهم الباب فمكث نهارا طويلا. وفي حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أيضا ما يدل لإغلاق الباب؛ لأن في "سنن النسائي" من حديثه، أنه دخل هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر لإغلاقه الباب؛ لأن في "سنن النسائي" من حديثه، أنه دخل هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بلالا -رضي الله عنه- فأجاف الباب٣ ... انتهى باختصار. وحديث أسامة هذا يقتضي أن بلالا -رضي الله عنه- هو الذي أجاف الباب؛


١ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٢٢٦.
٢ سيرة ابن هشام ٤/ ٤٦.
٣ أخرجه النسائي في سننه ٥/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>