للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما ذكر الأزرقي من سيول وادي مكة في الجاهلية والإسلام١.

وذكر الفاكهي٢ السيول الذي ذكرها الأزرقي أخصر مما ذكره، وذكر أن في ذلك غير ما لم يذكره الأزرقي؛ لأنه ذكر أن السيل الذي يقال له "المخبل": كان في ولاية حماد البربري على مكة، وهذا لا يفهم من كلام الأزرقي.

وذكر أن السيل الذي يقال له "سيل ابن حنظلة" كان عظيما امتلأ به الوادي وعلاه قيد رمح، وهذا أيضا لا يفهم من كلام الأزرقي. ونقل الفاكهي هذا عن ابن إسحاق عن ابن عباس.

ومن أمطار مكة وسيولها التي كانت قبل الأزرقي ولم يذكرها، ما ذكره ابن جرير الطبري في تاريخه؛ لأن فيه: أخبار سنة ثمان وثمانين من الهجرة: وعن صالح بن كيسان قال: خرج عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- تلك السنة -يعني سنة ثمان وثمانين- ومعه نفر من قريش٣ أرسل إليهم بصلات، وظهر للحمولة، وأحرموا معه من ذي الحليفة، وساق معه بدنا؛ فما كان بالشفير٤ لقيهم نفر من قريش، منهم ابن أبي مليكة وغيره؛ فأخبروه أن مكة قليلة الماء، وأنهم يخافون على الحاج العطش؛ وذلك أن المطر قل، فقال عمر -رضي الله عنه: فالمطلب هاهنا: تعالوا ندع الله -تعالى- قال: فرأيتهم دعوا، ودعا معهم عمر -رضي الله عنه؛ فألحوا في الدعاء، قال صالح: فلا والله إنا وصلنا إلى البيت ذلك اليوم إلا مع المطر، حتى كان مع الليل، وسكبت السماء، وجاء سيل الوادي؛ فجاء أمر، فخافه أهل مكة، ومطرت عرفة، ومنى، وجمع، فما كانت إلا عبرا٥. قال: وكانت مكة تلك السنة مخصبة٦ ... انتهى.

وذكر ابن الأثير هذا بالمعنى مختصرا، وفيه: أنهم لقوا عمر -رضي الله عنه- بالتنعيم، ولعل الشفير الذي وقع فيما نقلناه من تاريخ ابن جرير تصحيف من الكاتب، والله -تعالى- أعلم٧.

ومنها: "سيل أبي شاكر" في ولاية هشام بن عبد الملك في سنة عشرين ومائة، وأبو شاكر المنسوب إليه هذا السيل هو: سلمة بن هشام بن عبد الملك. ولم يبين الفاكهي سبب تسمية هذا السيل بأبي شاكر؛ وذلك لأن أبا شاكر حج بالناس سنة تسع


١ ذكر الأزرقي في مواضع متفرقة من كتابه عدة سيول أخرى منها: سيل وقع سنة "٢٢٥هـ"، وآخر عام "٢٤٠ هـ".
٢ أخبار مكة الفاكهي ٣/ ١٠٨.
٣ عند الطبري ٦/ ٤٣٧: "بعده من قريش".
٤ عند الطبري ٦/ ٤٣٧: "بالتنعيم".
٥ العبر: الكثير من الشيء والسحاب السريع.
٦ تاريخ الطبري ٦/ ٤٣٧ و٤٣٨.
٧ الكامل لابن الأثير ٤/ ٥٣٤، إتحاف الورى ٢/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>