للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ذاك إلا أنه من شوقه ... قد شام من وادي الحمى تذكاره

يا سائق الأظعان إن جزت الحمى ... سلم على من بالمحصب داره

واشرح له ما يلتقي مشتاقه ... من فرط شوق أحرقته ناره

يصبو إذا ذكر الحطيم وزمزم ... والركن والبيت المكرم جاره

ويهيم من شوق يفتت كبده ... إذ عز ملقاه وطال مزاره

وأنشدني الرئيس شهاب الدين أحمد بن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيلكلدي١ العلائي بقراءتي عليه في المسجد الأقصى بالرحلة الأولى أن الأستاذ أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي٢ النحوي أنشدني لنفسه قصيدة نبوية على وزن بانت سعاد، قال فيها:

وإذا قضيت غزاة فأتنف عملا ... للحج والحج للإسلام تكميل

ثم قال بعد وصفه للحجاج:

يسوقهم طرب نحو الحجاز فهم ... ذوو ارتباح على أكوارها ميل

شعث رؤوسهم بلس شفاههم ... حوص عيونهم غرث مهازيل

حتى إذا لاح من بيت الإله لهم ... نور إذا هم على الغبرا أراجيل

يعفرون وجوها طال ما سهمت ... باكين حتى أديم الأرض مبلول

حفوا بكعبة مولاهم فكعبهم ... عال بها لهم طوف وتقبيل

وبالصفا وقتهم صاف بسعيهم ... وفي منى لمناهم كان تنويل

تعرفوا عرفات واقفين بها ... لهم إلى الله تكبير وتهليل

وأنشدني العلامة الأديب المفنن برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن محمد المعروف بالقيراطي لنفسه إجازة من قصيدة، وأنشدنيها سماعا قاضي مكة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة -رحمه الله عليه- عن القيراطي سماعا قال:

ثم أنشأت من جفوني سحبا ... أي نثر كالدر من إنشاء

كم سكبناه بل سكبناه تبرا ... فاز منه ثرى الحما بالثراء

فإذا جئت المحصب فانثر ... من يواقيته على الحصباء

أتمنى عيشا مضى وتقضى ... وتولى على الصفا بالصفاء

ميت أحيا يناديك حيا ... إنما الميت ميت الأحياء

لا يمل الثاوي هناك مقاما ... رب ثاو يمل طول الثواء


١ ترجمته في "الضوء اللامح" ١/ ٢٩٦.
٢ ترجمته في "الدر الكامنة" ٤/ ٣٠٢-٣١٠ رقم ٨٣٣، ذيل تذكرة الحفاظ "ص: ٢٣-٢٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>