حسبه هواه الرطب فينا ... فذكرناه مجامع الأهواء
بك داء فارحل وجز بكداء ... وهو داء من الذنوب كداء
ومنها قوله:
ما حنينا للمنحني الجيد إلا ... واستقمنا بذلك الإنحناء
ومنها قوله:
أنا ما لي عن مكة من براح ... وبها أشتفي من البرحاء
حبذا الكعبة التي قد تبدت ... وهي تزهو في حلة سوداء
فصفا سترها مساء صباح ... وبياض الثنا صباح مساء
قبل الخال لا أبا لك عشرا ... يا أخا حيها بغير إباء
واملأ الحجر باللآلئ من الـ ... ـدمع ونزهه عن عقيق الدماء
واشربن من شراب زمزم كاسا ... دب منه السرور في الأعضاء
فهي حقا طعام طعم لجوع ... وبها للسقيم أي شفاء
فسقى المسجد الحرام غمام ... ورعى عشنا على البطحاء
كم حطمنا لدى الحطيم ذنوبا ... كثر عدها عن الإحصاء
صاح قم طف للإله سبعا ... بيت رمى الفيل فيه بالدهماء
مر بالمروين وارق لترقى ... بجنان مراقي السعداء
واكحل العين عند مسعاك ... بالميل ففيه شفاء ذاك العماء
ثم قف خاضعا على عرفات ... عل تعطى عوارف الإعطاء
وارمها في منى إلى جمرات ... اللظى بها في انطفاء
وأنشدنا الإمام بدر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن الصاحب رحمه الله، إجازة لنفسه، وأنشدني ذلك قاضي القضاة جمال الدين بن ظهيرة من لفظه عن ابن الصاحب هذا سماعا، قال من قصيدة نبوية:
على الأبطح المكي طيب سلامي ... وأزكى تحيات كمسك ختام
وسقيا له من أدمع بهوامع ... تجود بحفظ الود جود كرام
فذاك هو الحي الذي طاير المنى ... له فيه بالإطراب سجع حمام
إذا ذكروا في الحي طيب حديثه ... خلعت على السماء ثوب منام
وإن ظفرت نفسي بلثم ترابه ... لبست بذاك اللثم خير لثام
منازل أفراحي وأنسي ولذتي ... وموسم أعيادي ودار هيام
إذا مر بي من نحوها نسمة الصبا ... وجدت لها بردا لحر أوامي
فتبعث في الروح حتى أكاد أن ... أطير وقد قص الجناح سقامي