بينهما القتال إلى أن خرج الشريف سعيد بن المغرب من أعلى مكة في ليلة الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول من العام المذكور.
ثم دخلت الأشراف مكة ورئيسهم الشريف عبد المحسن بن أحمد بن زيد فنودي في البلاد له بحكم سليمان باشا بعد عزل الشريف سعيد؛ فجلس في دار السعادة للتنهئة وبقي تسعة أيام.
ثم نزل عنها للشريف عبد الكريم بن محمد بن يعلى بن حمزة بن مغامس بن بركات بن أبي نمي جد ذوي عبد الكريم من آل بركات؛ فقبلها برضاء الأشراف جميعا وجلس في داره للتنهئة وهذه هي الولاية الأولى له.
ثم وقع فيما بين قائم مقام الشريف عبد الكريم بمكة وبين الشريف سعد النزاع وحصل القتال فيما بينهما؛ فغلب عليه فنودي في البلاد للشريف سعد المذكور سادس شوال من سنة ست عشرة ومائة وألف، وكان أمير مكة -إذ ذاك- غائبا باليمن ودخل الشريف سعد مكل وأرسل له الباشا قفطانا، وهذه هي الولاية الرابع للشريف سعد بن زيد وأقام فيها ثمانية عشر يوما، وسببه أن الشريف عبد الكريم ورد الحسينية١ قافلا من اليمن ومعه بنو عمه وقبائل عتبة وحرب وقاتل الشريف سعدا إلى أن انهزم؛ فدخل الشريف عبد الكريم مكة وفي صحبته الشريف عبد المحسن، ونودي في شوارع مكة للشريف عبد الكريم، وهذه هي الولاية الثانية له واطمأنت البلاد وخرج الشريف سعد إلى العابدية، وتوفي هناك يوم الأحد خامس ذي القعدة من سنة ست عشرة ومائة وألف، ودفن بقبة الشريف أبي طالب عند قبر والده الشريف زيد.
ثم ورد الأمر الشاهاني بتولية الشريف سعيد بن سعد من الدولة العلية؛ فدخل مكة بعده في اليوم السابع من ذي الحجة ونودي له في البلاد، وهذه هي الولاية الرابعة للشريف سعيد؛ فحج من سنته وذهبت القوافل حسب عادتها وأهل محرم سنة سبع عشرة ومائة وألف.
ثم كان يوم الاثنين ثامن عشر من رجب ورد مكة خبر أغا السلطان وصحبته الأمر السلطاني بتولية مكة للشريف عبد الكريم بن محمد بن يعلى السابق، ثم وصل الأغا جده ونودي له بها؛ فلما كان يوم الثلاثاء سادس شعبان دخل الشريف عبد الكريم مكة، وهذه هي الولاية الثالثة له وجلس للتنهئة في داره وبقي إلى سنة ثلاث وعشرين ومائة ألف.
وفي يوم الثلاثاء السابع والعشرين من رجب أو شوال من السنة المذكورة وردت الأخبار من المدينة النبوية بأن السلطنة أمرت بتوجيه ولاية مكة للشريف سعيد وورد إليهم
١ الحسينية: مزرعة معروفة بأسفل مكة. وهي للأشرف من ذوي زيد.