فانهزم الشريف عبد الله بن حسين، ودخل مكة الشريف أحمد بن سعيد في الثاني عشر من جمادى الثانية من السنة المذكورة سنة ١١٨٤هـ أربع وثمانين ومائة وألف، وبقي إلى أن حصل النزاع فيما بين الشريف أحمد بن سعيد الأمير وبين ابن أخيه الشريف سرور بن مساعد بن سعيد بن مسعد بن زيد يوم السبت ثلاثة عشر من ذي القعدة من سنة ١١٨٦هـ ست وثمانين ومائة وألف، وأدى إلى القتال؛ فانهزم الشريف أحمد ودخل مكة المشرفة الشريف سرور بن مساعد يوم السبت ثالث عشر من ذي القعدة من السنة المذكورة، ونودي له في شوارع مكة، وأمنت البلاد، ثم حصل القتال الشديد مرارا وفي كل مكان انهزم عمه الشريف أحمد، وفي الوقعة الخامسة عشر من جمادى الأولى من سنة ١١٩٣هـ ثلاث وتسعين ومائة وألف قبض الشريف سرور على عمه وعلى ولديه وأمر بحبسهم بينبع، ثم نقلوا إلى جدة وما زالوا بها حتى توفي أحد ولديه، ثم توفي الشريف أحمد بن سعيد في السجن أيضا في عشرين من ربيع الثاني من سنة ١١٩٥هـ خمس وتسعين ومائة وألف وأطلق حينئذ ابنه الأحسن وجاء جد كاتب النسخة، وجاء مع التذييل الشيخ حبيب الله لأجل أداء فريضة الحج من بلاد الهند في سنة ١٢٠٠هـ مائتين وألف، ثم بعد فراغه من الزيارة النبوية عاد إلى بلده دلهي بالهند وعاش ممتعا بحواسه بين أقرانه إلى أن توفي سنة ١٢٤٥هـ خمس وأربعين ومائتين وألف.
وخلف عمي الشيخ عبد النبي ووالد الشيخ عبد الوهاب وعمر الأول أربعون سنة ووالدي -إذ ذاك- ينيف عمره على عشر سنين، والله أعلم.
ولم يزل الشريف سرور في إمارة مكة إلى سنة اثنتين بعد المائتين والألف حتى توفي في اليوم الثامن عشر من شهر ربيع الثاني من العام المذكور.
وتولى إمارة مكة أخوه الشريف عبد المعين بن مساعد، ونودي له بذلك وبقي أياما، ثم نزل عنها لأخيه الشريف غالب بن مساعد بن سعيد بن مسعد بن زيد جد ذوي غالب وجاءته الخلعة السلطانية في التاسع والعشرين من ذي القعدة من العام المذكور، وقد حصل في أيامه الحركة الإصلاحية الوهابية المنسوبة إلى الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي ودام القتال معه مدة المواسم، ذكرها شيخنا العلامة المرحوم برحمة الملك المنام السيد أحمد بن زيني بن دحلان في تاريخ "خلاصة الكلام في تاريخ أمراء بلد الله الحرام"، ثم صفا الوقت والزمان للشريف غالب المذكور إلى أن وصل محمد علي باشا جد العائلة الخديوية بمصر مكة المشرفة. واحتفل به الشريف غالب احتفالا تاما غير أن الباشا المذكور كان مأمورا من طرف الدولة العثمانية بالقبض على الشريف غالب الأمير وإرساله إلى الآستانة العلية فصار متحيرا في هذا الأمر لتحفظ الشريف غالبا أمير مكة على نفسه؛ حتى تشاور مع الشيخ أحمد تركي في ذلك الأمر، فدبر له تدبيرا حسنا،